التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ} (40)

ثم بين - سبحانه - ما أعده لسليمان - عليه السلام - فى الآخرة ، فقال : { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا } أى فى الآخرة { لزلفى } لقرابة وكرامة { وَحُسْنَ مَآبٍ } أى : وحسن مرجع إلينا يوم القيامة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ} (40)

ولهذا لما ذكر تبارك وتعالى ما أعطى سليمان في الدنيا نبه على أنه ذو حظ عظيم عند الله يوم القيامة أيضا ، فقال : { وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ } أي : في الدار الآخرة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ} (40)

وقوله : ( وَإنّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مآبٍ ) يقول : وإن لسليمان عندنا لقُرْبةً بإنابته إلينا وتوبته وطاعته لنا ، وحُسْنَ مآب : يقول : وحسن مرجع ومصير في الاَخرة ، كما حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَإنّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مآبٍ : أي مصير .

إن قال لنا قائل : وما وجه رغبة سليمان إلى ربه في الملك ، وهو نبيّ من الأنبياء ، وإنما يرغب في الملك أهل الدنيا المؤثِرون لها على الاَخرة ؟ أم ما وجه مسألته إياه ، إذ سأله ذلك مُلكا لا ينبغي لأحد من بعده ، وما كان يضرّه أن يكون كلّ من بعده يُؤْتيَ مثلَ الذي أوتي من ذلك ؟ أكان به بخل بذلك ، فلم يكن من مُلكه ، يُعطي ذلك من يُعطاه ، أم حسد للناس ، كما ذُكر عن الحجاج بن يوسف فإنه ذكر أنه قرأ قوله : وَهَبْ لي مُلْكا لا يَنْبَغي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي فقال : إن كان لحسودا ، فإن ذلك ليس من أخلاق الأنبياء قيل : أما رغبته إلى ربه فيما يرغب إليه من المُلك ، فلم تكن إن شاء الله به رغبةٌ في الدنيا ، ولكن إرادةٌ منه أن يعلم منزلته من الله في إجابته فيما رغب إليه فيه ، وقبوله توبته ، وإجابته دعاءَه .

وأما مسألته ربه مُلكا لا ينبغي لأحد من بعده ، فإنا قد ذكرنا فيما مضى قبلُ قولَ من قال : إن معنى ذلك : هب لي مُلكا لا أُسلبه كما سْلِبتُه قبل . وإنما معناه عند هؤلاء : هب لي مُلكا لا ينبغي لأحد من بعدي أن يَسلُبنيه . وقد يتجه ذلك أن يكون بمعنى : لا ينبغي لأحد سواي من أهل زماني ، فيكون حجة وعَلَما لي على نبوّتي وأني رسولك إليهم مبعوث ، إذ كانت الرسل لا بدّ لها من أعلام تفارق بها سائر الناس سواهم . ويتجه أيضا لأن يكون معناه : وهب لي مُلكا تَخُصّنِي به ، لا تعطيه أحدا غيري تشريفا منك لي بذلك ، وتكرمة ، لتبين منزلتي منك به من منازل من سواي ، وليس في وجه من هذه الوجوه مما ظنه الحجاج في معنى ذلك شيء .