التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَأَلۡقَىٰهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٞ تَسۡعَىٰ} (20)

{ فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تسعى } .

أى : فامتثل موسى أمر ربه ، فألقاها على الأرض ، ونظر إليها فإذا هى قد تحولت بقدرة الله - تعالى - إلى " حية " - أى ثعبان عظيم - " تسعى " ، أى : تمشى على الأرض بسرعة وخفة حركة ووصفها - سبحانه - هنا بأنها { حَيَّةٌ تسعى } ، ووصفها فى سورة الشعراء بأنها { ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } ووصفها فى سورة النمل بأنها { تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ } ولا تنافى بين هذه الأوصاف ، لأن الحية اسم جنس يطلق على الصغير والكبير ، والذكر والأنثى ، والثعبان : هو العظيم منها ، والجان : هو الحية الصغيرة الجسم ، السريعة الحركة .

وقد صرحت بعض الآيات أن موسى - عليه السلام - عندما رأى عصاه قد تحولت إلى ذلك ، ولى مدبرا ولم يعقب . قال - تعالى : { وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ ولى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ . . . } ولكن الله - تعالى - ثبت فؤاده ، وطمأن نفسه : { قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَأَلۡقَىٰهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٞ تَسۡعَىٰ} (20)

{ فَأَلْقَاهَا{[19241]} فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى } أي : صارت في الحال حَيَّة عظيمة ، ثعبانًا طويلا يتحرك حركة سريعة ، فإذا هي تهتز كأنها جان ، وهو{[19242]} أسرع الحيات حركة ، ولكنه صغير ، فهذه في غاية الكبر ، وفي غاية سرعة الحركة ، { تَسْعَى } أي : تمشي وتضطرب .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن عَبْدَة ، حدثنا حفص بن جُمَيْع ، حدثنا سِمَاك ، عن عكرمة ، عن [ ابن عباس ]{[19243]} { فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى } ولم تكن قبل ذلك حية ، فمرت بشجرة فأكلتها ، ومرت بصخرة فابتلعتها ، فجعل موسى يسمع وقع الصخرة في جوفها ، فولى مدبرًا ، فنودي أن : يا موسى ، خذها . فلم يأخذها ، ثم نودي الثانية أن : خذها ولا تخف . فقيل له في الثالثة : إنك من الآمنين . فأخذها .

وقال وهب بن مُنَبّه في قوله : { فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى } قال : فألقاها على وجه الأرض ، ثم حانت نظرة فإذا بأعظم{[19244]} ثعبان نظر إليه الناظرون ، فَدَبّ يلتمس كأنه يبتغى شيئًا يريد أخْذَه ، يمر بالصخرة مثل الخَلِفَة من الإبل فيلتقمها ، ويطعن بالناب من أنيابه في أصل الشجرة العظيمة فيجتثها ، عيناه توقدان نارا ، وقد عاد المحْجَن منها عُرفًا . قيل : شعر مثل النيازك ، وعاد الشعبتان منها مثل القليب الواسع ، فيه أضراس وأنياب ، لها صريف ، فلما عاين ذلك موسى ولى مدبرًا ولم يُعَقِّب ،

فذهب حتى أمعن ، ورأى أنه قد أعجَز الحية ، ثم ذكر ربه فوقف استحياء منه ، ثم نودي : يا موسى أنْ : ارجع حيث كنت . فرجع موسى وهو شديد الخوف .


[19241]:في ف: "فألقيها"
[19242]:في ف: "وهي".
[19243]:زيادة من ف.
[19244]:في ف: "بأعظم".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَأَلۡقَىٰهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٞ تَسۡعَىٰ} (20)

يقول الله جل جلاله : فألقاها موسى ، فجعلها الله حية تسعى ، وكانت قبل ذلك خشبة يابسة ، وعصا يتوكأ عليها ويهشّ بها على غنمه ، فصارت حية بأمر الله ، كما :

حدثنا أحمد بن عبدة الضبي ، قال : حدثنا حفص بن جميع ، قال : حدثنا سماك بن حرب ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس قال : لما قيل لموسى : ألقها يا موسى ، ألقاها فإذَا هِيَ حَيّةٌ تَسْعَى ولم تكن قبل ذلك حية قال : فمرّت بشجرة فأكلتها ، ومرّت بصخرة فابتلعتها قال : فجعل موسى يسمع وقع الصخرة في جوفها قال : فولى مدبرا ، فنودي أن يا موسى خذها ، فلم يأخذها ثم نودي الثانية : أن خُذْهَا وَلا تخفْ ، فلم يأخذها فقيل له في الثالثة : إنّكَ مِنَ الاَمِنِين فأخذها .

حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : قال له ، يعني لموسى ربه : ألْقِها يا مُوسَى يعني فألْقاها فإذَا هِيَ حَيّةٌ تَسْعَى فلَمّا رآها تَهْتَزّ كأنّها جانّ وَلّى مُدْبِرا ولَمْ يُعَقّبْ فنودي : يا مُوسَى لا تَخَفّ إنّي لا يَخافُ لَدَيّ المُرْسَلُونَ .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن وهب بن منبه ، قال ألْقِها يا مُوسَى فألْقاها فإذَا هِيَ حَيّةٌ تَسْعَى تهتزّ ، لها أنياب وهيئة كما شاء الله أن تكون ، فرأى أمرا فظيعا ، فولى مُدْبِرا ، ولَم يُعقّب فناداه ربه : يا مُوسَى أقبلْ وَلا تخفْ سَنُعِيدُها سِيرَتها الأُولى .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَأَلۡقَىٰهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٞ تَسۡعَىٰ} (20)

{ قال ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حية تسعى } قيل لما ألقاها انقلبت حية صفراء بغلظ العصا ثم تورمت وعظمت فلذلك سماها جانا تارة نظرا إلى المبدأ وثعبانا مرة باعتبار المنتهى ، وحية أخرى باعتبار الاسم الذي يعم الحالين . وقيل كانت في ضخامة الثعبان وجلادة الجان ولذلك قال { كأنها جان } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأَلۡقَىٰهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٞ تَسۡعَىٰ} (20)

الحيّة : اسم لصنف من الحنش مسموم إذا عضّ بنابيه قتل المعضوض ، ويطلق على الذكر .

ووصف الحيّة بتسعى لإظهار أنّ الحياة فيها كانت كاملة بالمشي الشديد . والسعي : المشي الذي فيه شدّة ، ولذلك خصّ غالباً بمشي الرجل دون المرأة .