" فَألْقَاهَا " على وجه الأرض ثم ينظر إليها " فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى " صفراء أعظم ما تكون من الحيات تمشي بسرعة{[23756]} لها عرف كعرف الفرَس ، وكان بين لحييها أربعون ذراعاً ، صارت شدقين لها والمِحجن عنقاً{[23757]} يهتز ، وعيناها متقدان كالنار ، وتمر بالصخرة{[23758]} العظيمة مثل الخلفة{[23759]} من الإبل فتلتقمها{[23760]} ، وتقصف الشجرة العظيمة بأنيابها ، ويسمع لأسنانها ( صريف{[23761]} عظيم ) {[23762]} {[23763]} .
وهذا خارق عظيم وبرهان قاطع على أن الذي يكلمه هو الذي يقول للشيء كُنْ فيكون .
والحكمة{[23764]} في قلب العصا حيَّةً في ذلك الوقت من وجوه :
أحدها{[23765]} : لتكون معجزةً لموسى -عليه السلام- يعرف بها نبوة نفسه ، لأنه عليه السلام -{[23766]}إلى هذا الوقت ما سمع إلا النداء . والنداء{[23767]} وإن كان مخالفاً للعادات إلا انه لم يكن معجزاً ، لاحتمال أن يكون ذلك من عادات{[23768]} الملائكة أو الجن ، فقلب العصا حيَّةً ليكون دليلاً قاهِراً{[23769]} على الممعجزة .
الثاني : أنه تعالى عرضَها عليه{[23770]} ليشاهدها أولاً ، فإذا شاهدها عند فرعون لا يخافها .
وثالثها{[23771]} : أنه كان راعياً فقيراً ثم نُصِّب للمِنْصبِ العظيمِ فلعله بقي يتعجب{[23772]} من ذلك ، فقلب العصا حيَّةً تنبيًّا على أني لما قدرت على ذلك ، فكيف يستبعد مني نصرة مثلك في إظهار الدين{[23773]} .
فإنْ قيل : كيف قال ههنا " حَيَّة " وفي موضع آخر " جَان " {[23774]} وهو الحية الخفية الصغيرة ، وقال في موضع{[23775]} " ثُعْبَانٌ " {[23776]} وهو أكبر ما يكون من الحيات ؟
فالجواب : أن الحيَّة اسم جنس يقع على الذكر والأنثى والصغير والكبير{[23777]} وأما الجَانَّ{[23778]} فقيل : عبارة عن ابتداء حالها فإنها{[23779]} كانت حيَّةً على قدر العصا ثم تورمت وتزايدت وانتفخت حتى صارت ثعباناً .
وقيل : كانت في عظم الثعبان{[23780]} وسرعة الجانِّ لقوله تعالى : { فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ }{[23781]} {[23782]} .
( و " تسعى " ){[23783]} يجوز أن تكون خبراً ثانياً{[23784]} عند من يجوز ذلك ويجوز أن تكون صفة ل " حَيَّةً " فلما عاين موسى ذلك " وَلَّى مُدْبِراً " {[23785]} ، وهرب
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.