التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَلَمَّا تَرَـٰٓءَا ٱلۡجَمۡعَانِ قَالَ أَصۡحَٰبُ مُوسَىٰٓ إِنَّا لَمُدۡرَكُونَ} (61)

{ فَلَمَّا تَرَاءَى الجمعان } أى : تقاربا بحيث يرى كل فريق خصمه .

{ قَالَ } بنو إسرائيل لنبيهم موسى - عليه السلام - والخوف يملأ نفوسهم : { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } أى : سيدركنا بعد قليل فرعون وجنوده ، ولا قدرة لنا .

. . على قتالهم . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَلَمَّا تَرَـٰٓءَا ٱلۡجَمۡعَانِ قَالَ أَصۡحَٰبُ مُوسَىٰٓ إِنَّا لَمُدۡرَكُونَ} (61)

{ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ } أي : رأى كل من الفريقين صاحبه ، فعند ذلك { قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } ، وذلك أنه انتهى بهم السير إلى سيف البحر ، وهو بحر القلزم ، فصار أمامهم البحر ، وفرعون قد أدركهم بجنوده ، فلهذا قالوا : { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَلَمَّا تَرَـٰٓءَا ٱلۡجَمۡعَانِ قَالَ أَصۡحَٰبُ مُوسَىٰٓ إِنَّا لَمُدۡرَكُونَ} (61)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَلَمّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىَ إِنّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلاّ إِنّ مَعِيَ رَبّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَآ إِلَىَ مُوسَىَ أَنِ اضْرِب بّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلّ فِرْقٍ كَالطّوْدِ الْعَظِيمِ } .

يقول تعالى ذكره : فلما تناظر الجمعان : جمع موسى وهم بنو إسرائيل ، وجمع فرعون وهم القبط قالَ أصْحابُ مُوسَى إنّا لَمُدْرَكُونَ أي إنا لملحقون ، الاَن يلحقنا فرعون وجنوده فيقتلوننا ، وذُكر أنهم قالوا ذلك لموسى ، تشاؤما بموسى . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، قال : قلت لعبد الرحمن فَلَمّا تَرَاءَى الجَمْعانِ قالَ أصْحابُ مُوسَى إنّا لَمُدْرَكُونَ قال : تشاءموا بموسى ، وقالوا : أوذينا من قبل أن تأتينا ، ومن بعد ما جئتنا .

حدثنا موسى ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ فَلَمّا تَرَاءَى الجَمْعانِ فنظرت بنو إسرائيل إلى فرعون قد رمقهم قالوا إنّا لَمُدْرَكُونَ . قَالُوا يا موسى أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أنْ تأتِيَنَا ، وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا اليوم يدركنا فرعون فيقتلنا ، إنا لمدركون البحر بين أيدينا ، وفرعون من خلفنا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي بكر ، عن شهر بن حوشب ، عن ابن عباس ، قال : لما انتهى موسى إلى البحر ، وهاجت الريح العاصف ، فنظر أصحاب موسى خلفهم إلى الريح ، وإلى البحر أمامهم قالَ أصْحابُ مُوسَى إنّا لَمُدْرَكُونَ قالَ كَلاّ إنّ مَعِيَ رَبّي سَيَهْدِينِ .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار سوى الأعرج إنّا لَمُدْرَكُونَ ، وقرأه الأعرج : «إنّا لَمُدّرَكُونَ » كما يقال نزلت ، وأنزلت . والقراءة عندنا التي عليها قرّاء الأمصار ، لإجماع الحجة من القرّاء عليها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَلَمَّا تَرَـٰٓءَا ٱلۡجَمۡعَانِ قَالَ أَصۡحَٰبُ مُوسَىٰٓ إِنَّا لَمُدۡرَكُونَ} (61)

{ فلما تراءى الجمعان } تقاربا بحيث رأى كل واحد منهما الآخر ، وقرىء " تراءت الفئتان " { قال أصحاب موسى إنا لمدركون } لملحقون ، وقرىء " لمدركون " من أدرك الشيء إذا تتابع ففني ، أي : لمتتابعون في الهلاك على أيديهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَلَمَّا تَرَـٰٓءَا ٱلۡجَمۡعَانِ قَالَ أَصۡحَٰبُ مُوسَىٰٓ إِنَّا لَمُدۡرَكُونَ} (61)

فلما لحق فرعون بجمعه جمع موسى وقرب منهم ورأت بنو إسرائيل العدد القوي وراءهم والبحر أمامهم ساءت ظنونهم وقالوا لموسى عليه السلام على جهة التوبيخ والجفاء { إنا لمدركون } أي هذا رأيك ، فرد عليهم قولهم وزجرهم وذكر وعد الله له بالهداية والظفر ، وقرأ الجمهور «إنا لمدركون » ، وقرأ الأعرج وابن عمير «إنا لمدَرّكون » بفتح الدال وشدّ الراء{[8939]} ومعناها يتتابع علينا حتى نفنى ، وقرأ حمزة «تريءَ الجمعان » بكسر الراء بمد ثم بهمز ، وروي مثله عن عاصم ، وروي أيضاً عنه مفتوحاً ممدوداً ، والجمهور يقرؤونه مثل تداعى وهذا هو الصواب ، لأنه تفاعل ، قال أبو حاتم وقراءة حمزة في هذا الحرف محال ، وحمل عليه ، قال وما روي عن الأعمش وابن وثاب خطأ{[8940]} .


[8939]:الذي في الأصول أن هذه القراءة بفتح الدال وشد الراء، أي: "لمدركون"، والتصويب عن القرطبي، والبحر المحيط، والمحتسب، وكتب القراءات، وهي أيضا قراءة الزهري، وهي من ادرك، ووزنها (مفتعلون)، وقال الفراء في معاني القرآن: "كما تقول: حفرت واحتفرت بمعنى واحد، فكذلك [لمدركون] و [لمدركون] معناهما واحد، والله أعلم". وعلق النحاس على كلامه فقال: وليس كذلك يقول النحويون الحذاق، إنما يقولون: مدركون: ملحقون، ومدَّركون: مجتهد في لحاقهم، والذي يعنينا هو الضبط الصحيح للقراءة، ونعتقد أن النساخ قد كثر منهم الخطأ في ضبط القراءات وفي كثير من الكلمات في هذا الجزء بالذات، ونحن نحاول التصويب عن كتب القراءات وكتب التفسير ودواوين الشعر، والله الموفق والمعين.
[8940]:قال ابن خالويه في كتابه (الحجة في القراءات السبع): "الخلف في الوقف عليه، فوقف حمزة [تري] بكسر الراء ومد قليل، لأن من شرطه حذف الهمزة في الوقف، فكان المد إشارة إليها ودلالة عليها، ووقف الكسائي بالإمالة والتمام، ووقف الباقون بالتفخيم والتمام على الأصل، فإن كانت الهمزة للتأنيث أشير إليها في موضع الرفع وحذفت في موضع النصب". وقال الداني: "حمزة قرأ بإمالة فتحة الراء في الوصل، وإذا وقف أتبعها الهمزة فأمالها مع جعلها بين بين على أصله، فتصير بين ألفين ممالتين: الأولى أميلت لإمالة فتحة الراء، والثانية أميلت لإمالة فتحة الهمزة". وقال الأستاذ أبو جعفر أحمد ابن الأستاذ أبي الحسن بن الباذش في كتابه (الإقناع): "إذا وقف عليها حمزة والكسائي أمالا الألف المنقلبة عن لام الفعل، وحمزة يميل ألف تفاعل وصلا ووقفا لإمالة الألف المنقلبة، ففي قراءته إمالة الإمالة، وفي هذا الفعل، وفي (راءى) إذا استقبله ألف وصل لمن أمال للإمالة حذف السبب وإبقاء المسبب". وبهذا يتضح لنا حقيقة قراءة حمزة التي حمل عليها أبو حاتم، وأفاد كلام ابن عطية أنها خطأ.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَلَمَّا تَرَـٰٓءَا ٱلۡجَمۡعَانِ قَالَ أَصۡحَٰبُ مُوسَىٰٓ إِنَّا لَمُدۡرَكُونَ} (61)

أي لما بلغ فرعون وجنوده قريباً من مكان جموع بني إسرائيل بحيث يرى كل فريق منهما الفريق الآخر . فالترائي تَفاعل لأنه حصول الفعل من الجانبين .

وقولهم : { إنا لمُدْرَكون } بالتأكيد لشدة الاهتمام بهذا الخبر وهو مستعمل في معنى الجزع .