التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا يَفۡتَرِي ٱلۡكَذِبَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰذِبُونَ} (105)

ثم بين - سبحانه - أن افتراء الكذب لا يصدر عن المؤمنين فضلا عن الرسول الأمين ، وإنما يصدر عن الكافرين فقال - تعالى - : { إِنَّمَا يَفْتَرِي الكذب } ، أي : يختلقه ويخترعه { الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ الله } ، الدالة على وحدانيته ، وعلى وجوب إخلاص العبادة له ، وعلى صدق رسله ، وعلى صحة البعث يوم القيامة ؛ لأن عدم إيمانهم بذلك يجعلهم لا يخافون عقابا ، ولا يرجون ثوابا .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّمَا يَفۡتَرِي ٱلۡكَذِبَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰذِبُونَ} (105)

ثم أخبر تعالى أن رسوله ليس بمفتر ولا كَذَّاب ؛ لأنه : { إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ } على الله وعلى رسوله شِرارُ الخلق ، { الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ } ، من الكفرة والملحدين المعروفين بالكذب عند الناس . والرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، كان{[16705]} أصدق الناس وأبرهم وأكملهم علما وعملا وإيمانا وإيقانا ، معروفًا بالصدق في قومه ، لا يشك في ذلك أحد منهم بحيث لا يُدْعى بينهم إلا بالأمين محمد ؛ ولهذا لما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان عن تلك المسائل التي سألها من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان فيما قال له : أو كنتم{[16706]} تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قال : لا . فقال : هرقل فما كان ليَدع الكذب على الناس ، ويذهب فيكذب على الله عز وجل .


[16705]:في ت: "كان من".
[16706]:في ف: "أفكنتم".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّمَا يَفۡتَرِي ٱلۡكَذِبَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰذِبُونَ} (105)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * إِنّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ } .

يقول تعالى : إن الذين لا يؤمنون بحجج الله وأدلته فيصدّقون بما دلّت عليه ، { لا يَهْدِيهِمُ اللّهُ } يقول : لا يوفقهم الله لإصابة الحقّ ولا يهديهم لسبيل الرشد في الدنيا ، { ولَهُمْ فِي الآخِرَة } ، وعند الله إذا وردوا عليه يوم القيامة عذاب مؤلم موجع . ثم أخبر تعالى ذكره المشركين الذين قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم : إنما أنت مفتر ، أنهم هم أهل الفرية والكذب ، لا نبيّ الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون به ، وبرّأ من ذلك نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فقال : إنما يتخرّص الكذب ويتقوّل الباطل ، الذين لا يصدّقون بحجج الله وإعلامه ؛ لأنهم لا يرجون على الصدق ثوابا ، ولا يخافون على الكذب عقابا ، فهم أهل الإفك وافتراء الكذب ، لا من كان راجيا من الله على الصدق الثواب الجزيل ، وخائفا على الكذب العقاب الأليم . وقوله : { وأُولَئِكَ هُمُ الكاذِبُونَ } يقول : والذين لا يؤمنون بآيات الله هم أهل الكذب لا المؤمنون .