ثم لما بين أنهم ليسوا مظاهر اللطف وكان قد بنى الأمر في جوابهم ، على تسليم ما ادعى الخصم من أنه يتعلم من ذلك البشر ، أراد أن يبين أن الذي قالوا غير صحيح ولا صادق في نفس الأمر فقال : { إنما يفتري الكذب } ، وفيه أيضاً رد لقولهم : { إنما أنت مفتر } ، الافتراء ، { وأولئك } ، إشارة إلى قريش ، أو إلى الذين لا يؤمنون ، أي : هم الذين لا يؤمنون فهم الكاذبون أي : هم الكاذبون على الحقيقة الكاملون في الكذب ؛ لأن تكذيب آيات الله أعظم الكذب ، أو هم الذين من شأنهم الكذب وذلك هجيراهم لا يحجبهم عنه مروءة ولا دين ، أو أولئك هم الكاذبون في قولهم : { إنما أنت مفتر } [ النحل : 101 ] ، ومما يدل على كذبهم عقلاً أنهم أعداء له ، وكلام العدا ضرب من الهذيان ولا شهادة لمتهم . وأيضاً إن أمر التعليم والتعلم لا يتم في مجلس واحد ، ولكنه يحتاج إلى أزمنة متمادية ، ولو كان كذلك لاشتهر وانتشر . وأيضاً إن العلوم الموجودة في القرآن كثيرة ، والمعلم يجب أن يكون أعلى حالاً من المتعلم . فلو كان مثل هذا العالم الذي يتعلم منه مثل النبي صلى الله عليه وسلم موجوداً في ذلك العصر لم يخف حاله ومال الناس إليه دون النبي . قال بعض علماء المعاني : عطف الجملة الاسمية التي هي قوله : { وأولئك هم الكاذبون } ، على ما قبلها وهي فعلية ، دالة على أن من أقدم على الكذب فإنه دخل في الكفر ، تنبيهاً على أن صفة الكفر فيهم ثابتة راسخة كما تقول : كذبت وأنت كاذب . زيادة في الوصف بالكذب على سبيل الاستمرار والاعتياد . ولا افتراء أعظم من إنكار الإلهية والنبوة . روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له : هل يكذب المؤمن ؟ قال : لا . وقرأ هذه الآية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.