وقوله تعالى : { إِنَّمَا يَفْتَرِي الكذب الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بآيات الله } ، ردٌّ لقولهم : إنما أنت مفترٍ ، وقلبٌ للأمر عليهم ببيان أنهم هم المفترون ، بعد رده بتحقيق أنه منزلٌ من عند الله بواسطة روحِ القدس ، وإنما وُسّط بينهما قوله تعالى : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ } الآية ، لما لا يخفى من شدة اتصالِه بالرد الأول ، والمعنى : والله تعالى أعلم أن المفتريَ هو الذي يكذّب بآيات الله ، ويقول : إنه افتراءٌ ومعلَّمٌ من البشر ، أي : تكذيبُها على الوجه المذكور هو الافتراءُ على الحقيقة ؛ لأن حقيقتَه الكذبُ ، والحكم بأن ما هو كلامُه تعالى ليس بكلامه تعالى في كونه كذباً وافتراءً كالحكم بأن ما ليس بكلامه تعالى كلامُه تعالى ، والتصريحُ بالكذب للمبالغة في بيان قُبحِه ، وصيغةُ المضارع لرعاية المطابقة بينه وبين ما هو عبارةٌ عنه ، أعني قوله : لا يؤمنون ، وقيل : المعنى إنما يفتري الكذبَ ، ويليق ذلك بمن لا يؤمن بآيات الله ؛ لأنه لا يترقب عقاباً عليه ليرتدعَ عنه ، وأما من يؤمن بها ويخاف ما نطقت به من العقاب ، فلا يمكن أن يصدر عنه افتراءٌ البتةَ ، { وَأُوْلئِكَ } ، الموصوفون بما ذكر من عدم الإيمانِ بآيات الله{ هُمُ الكاذبون } على الحقيقة ، أو الكاملون في الكذب ؛ إذ لا كذِبَ أعظمُ من تكذيب آياتِه تعالى والطعنِ فيها بأمثال هاتيك الأباطيلِ ، والسرُّ في ذلك أن الكذِبَ الساذَجَ الذي هو عبارةٌ عن الإخبار بعدم وقوعِ ما هو واقعٌ في نفس الأمرِ ، بخلق الله تعالى أو بوقوعِ ما لم يقعْ كذلك مدافعةٌ لله تعالى في فعله فقط ، والتكذيبُ مدافعةٌ له سبحانه في فعله وقولِه المنبئ عنه معاً ، أو الذين عادتُهم الكذبُ لا يزَعُهم عنه وازعٌ من دين أو مروءةٍ ، وقيل : الكاذبون في قولهم : إنما أنت مفتر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.