وقوله - سبحانه - : { بَلْ مَتَّعْتُ هؤلاء وَآبَآءَهُمْ حتى جَآءَهُمُ الحق وَرَسُولٌ مُّبِينٌ } إضراب عن كلام محذوف يناسق إليه الكلام ، والمراد " بهؤلاء " أهل مكة المعاصرين للنبى - صلى الله عليه وسلم - وقوله : { مَتَّعْتُ } من التمتع بمعنى إعطائهم ما يشتهون من المطاعم والمشارب والنعم المتعددة ، واشتغالهم بذلك عن طاعة الله - تعالى - وشكره .
والمعنى : اقتضت حكمتنا أن نجعل كلمة التوحيد باقية فى بعض ذرية إبراهيم لعل من بقى من هذه الذرية على الشرك أن يرجع إليها ، ولكنهم لم يرجعوا بل أصروا على كفرهم ، فلم أعالجهم بالعقوبة ، بل متعت هؤلاء المشركين المعاصرين لك - أيها الرسول الكريم - بأن أمددتهم بالنعم المتعددة هم وآباؤهم ، وبقيت تلك النعم فيهم : { حتى جَآءَهُمُ الحق } وهو دعوتك إياهم إلى إخلاص العبادة لنا ، وجاءهم { وَرَسُولٌ مُّبِينٌ } هو أنت - أيها الرسول الكريم - فإن رسالتك واضحة المعالم ، بينة المقاصد ، ليس فيها شئ من الغموض الذى يحملها على الإِعراض عنها .
فالمقصود من الآية الكريمة ، بيان أن الكلمة الباقية فى عقب إبراهيم وهى كلمة التوحيد ، لم يتبعها جميع أفراد ذريته ، بل اتبعها قوم وكفر بها آخرون وأن هؤلاء الكافرين - وعلى راسهم كفار قريش - لم يعاجلهم الله - تعالى - بالعقوبة ، بل أعطاهم نعما متعددة ، فلم يشكروه - تعالى - عليها ، واستمروا على ذلك ، حتى جاءهم الحق ، فلم يؤمنوا به ، ولا بمن حمله إليهم وهو الرسل المبين - صلى الله عليه وسلم - .
ومن الآيات التى تدل على أن ذرية إبراهيم كان منها المؤمن ، وكان منها الكافر . قوله - تعالى - : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النبوة والكتاب فَمِنْهُمْ مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }
ثم قال تعالى : { بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاءِ } يعني : المشركين ، { وآباءهم } أي : فتطاول عليهم العمر في ضلالهم{[26022]} ، { حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ } أي : بين الرسالة والنذارة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.