التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَّلۡعُونِينَۖ أَيۡنَمَا ثُقِفُوٓاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقۡتِيلٗا} (61)

وقوله : { مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثقفوا } أى : مطرودين من رحمة الله - تعالى - ومن فضله ، أينما وجدوا وطفر بهم المؤمنون .

و { مَّلْعُونِينَ } منصوب على الحال من فاعل { يُجَاوِرُونَكَ } و { ثقفوا } بمعنى وجدوا . تقول ثقفت الرجل فى الحرب أثقفه ، إذا أدركته وظفرت به .

وقوله : { أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً } بيان لما يحيق بهم من عقوبات عند الظفر بهم .

أى : هم ملعونون ومطرودون من رحمة الله بسبب سوء أفعالهم ، فإذا ما أدركوا وظفر بهم ، أخذوا أسارى أذلاء ، وقتلوا تقتيلا شديدا ، وهذا حكم الله - تعالى - فيهم حتى يقلعوا عن نفاقهم وإشاعتهم قالة السوء فى المؤمنين ، وإيذائهم للمسلمين والمسلمات .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{مَّلۡعُونِينَۖ أَيۡنَمَا ثُقِفُوٓاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقۡتِيلٗا} (61)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

نجعلهم {ملعونين أينما ثقفوا}، فأوجب لهم اللعنة على كل حال، أينما وجدوا وأدركوا.

{أخذوا وقتلوا تقتيلا}: خذوهم واقتلوهم قتالا، فانتهوا عن ذلك مخافة القتل.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"مَلْعُونِينَ أيْنَما ثُقِفُوا أخذوا وَقُتّلُوا تَقْتِيلاً" يقول تعالى ذكره: مطرودين منفيين "أينما ثقفوا "يقول: حيثما لقوا من الأرض أخذوا وقتلوا لكفرهم بالله تقتيلاً.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

... و {ثقفوا} معناه حصروا وقدر عليهم، و {أخذوا} معناه أسروا، والأخيذ الأسير...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

أي في ذلك القليل الذي يجاورونك فيه يكونون ملعونين مطرودين من باب الله وبابك، وإذا خرجوا لا ينفكون عن المذلة ولا يجدون ملجأ.

مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي 710 هـ :

{أُخِذُواْ وَقُتّلُواْ تَقْتِيلاً} والتشديد يدل على التكثير.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان معنى الكلام أنهم ينفون لأنه صلى الله عليه وسلم يؤمر بنفيهم وإبعادهم وقتلهم، بين حالهم في نفيهم أو نصبه على الشتم فقال: {ملعونين} أي ينفون نفي بُعد من الرحمة وطرد عن أبواب القبول.

ولما كان المطرود قد يترك وبعده، بين أنهم على غير ذلك فقال مستأنفاً: {أينما ثقفوا} أي وجدوا وواجدهم أحذق منهم وأفطن وأكيس وأصنع {أخذوا} أي أخذهم ذلك الواجد لهم {وقتلوا} أي أكثر قتلهم وبولغ فيه؛ ثم أكده بالمصدر بغضاً فيهم وإرهاباً لهم فقال: {تقتيلاً}.

محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :

{مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا} أي مبغضين لله وللخلق، لا يستريحون بالخروج، للصوق اللعنة بهم أينما وجدوا.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

يسلط الله عليهم نبيه، كما سلطه على اليهود من قبل، فيطهر منهم جو المدينة، ويطاردهم من الأرض؛ و يبيح دمهم فحيثما وجدوا أخذوا وقتلوا. كما جرت سنة الله فيمن قبلهم من اليهود على يد النبي [صلى الله عليه وسلم] وغير اليهود من المفسدين في الأرض في القرون الخالية، ومن هذا التهديد الحاسم ندرك مدى قوة المسلمين في المدينة بعد بني قريظة، ومدى سيطرة الدولة الإسلامية عليها. وانزواء المنافقين إلا فيما يدبرونه من كيد خفي، لا يقدرون على الظهور؛ إلا وهم مهددون خائفون.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والتقتيل: قوة القتل، والقوة هنا بمعنى الكثرة؛ لأن الشيء الكثير قوي في أصناف نوعه، وأيضاً هو شديد في كونه سريعاً لا إمهال لهم فيه.

وهذه الآية ترشد إلى تقديم إصلاح الفاسد من الأمة على قطعة منها؛ لأن إصلاح الفاسد يكسب الأمة فرداً صالحاً أو طائفة صالحة تنتفع الأمة منها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم « لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده» ولهذا شرعت استتابة المرتدّ قبل قتله ثلاثة أيام تعرض عليه فيها التوبة، وشرعت دعوة الكفّار الذين يغزوهم المسلمون إلى دين الإِسلام قبل الشروع في غزوهم، فإن أسلموا وإِلاّ عُرض عليهم الدخول في ذمة المسلمين؛ لأن في دخولهم في الذمة انتفاعاً للمسلمين بجزيتهم والاعتضاد بهم.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

هذا هو الحكم الشرعي الذي ينبغي أن ينفذ فيهم ليجتث الجذور الفاسدة من المجتمع، التي إذا بقيت أهلكت المجتمع كله، ولم ينفع معها أيّ دواء.