التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَمَّا جَآءَتۡ رُسُلُنَآ إِبۡرَٰهِيمَ بِٱلۡبُشۡرَىٰ قَالُوٓاْ إِنَّا مُهۡلِكُوٓاْ أَهۡلِ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةِۖ إِنَّ أَهۡلَهَا كَانُواْ ظَٰلِمِينَ} (31)

وأجاب الله - تعالى - دعاء نبيه لوط - عليه السلام - ، وأرسل - سبحانه - ملائكته لنبيه إبراهيم ليبشروه بابنه إسحاق . قبل أن ينفذوا عذاب الله فى قوم لوط ، قال - تعالى - :

{ وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بالبشرى قالوا إِنَّا مهلكوا أَهْلِ هذه القرية } أى : وحين جاء الملائكة إلى إبراهيم ليبشروه بابنه إسحاق : قالوا له : يا إبراهيم : إنا مرسلون من ربك لإِهلاك أهل هذه القرية وهى قرية سدوم التى يسكنها قوم لوط ، والسبب فى ذلك { إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ } ، حيث أتوا بفاحشة لم يسبقهم إليها أحد ، وقطعوا الطريق على الناس ، واقترفوا فى مجالسهم المنكرات .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَمَّا جَآءَتۡ رُسُلُنَآ إِبۡرَٰهِيمَ بِٱلۡبُشۡرَىٰ قَالُوٓاْ إِنَّا مُهۡلِكُوٓاْ أَهۡلِ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةِۖ إِنَّ أَهۡلَهَا كَانُواْ ظَٰلِمِينَ} (31)

14

و في الطريق يلم الملائكة المكلفون بالتنفيذ بإبراهيم ، يبشرونه بولد صالح من زوجه التي كانت من قبل عقيما :

ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا : إنا مهلكو أهل هذه القرية ، إن أهلها كانوا ظالمين . قال : إن فيها لوطا . قالوا : نحن أعلم بمن فيها ، لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين ) . .

وهذا المشهد . مشهد الملائكة مع إبراهيم . مختصر في هذا الموضع لأنه ليس مقصودا ؛ قد سبق في قصة إبراهيم أن الله وهب له إسحاق ويعقوب ؛ وولادة اسحاق هي موضوع البشرى ، ومن ثم لم يفصل قصتها هنا لأن الغرض هو إتمام قصة لوط . فذكر أن مرور الملائكة بإبراهيم كان للبشرى . ثم أخبروه بمهمتهم الأولى : إنا مهلكوا أهل هذه القرية . إن أهلها كانوا ظالمين . .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَمَّا جَآءَتۡ رُسُلُنَآ إِبۡرَٰهِيمَ بِٱلۡبُشۡرَىٰ قَالُوٓاْ إِنَّا مُهۡلِكُوٓاْ أَهۡلِ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةِۖ إِنَّ أَهۡلَهَا كَانُواْ ظَٰلِمِينَ} (31)

{ لما } أداة تدل على التوقيت ، والأصل أنها ظرفٌ ملازم الإضافة إلى جملة . ومدلولها وجود لوجود ، أي وجود مضمون الجملة التي تضاف إليها عند وجود الجملة التي تتعلق بها فهي تستلزم جملتين : أولاهما فعلية ماضوية وتضاف إليها { لما } ، والثانية فعلية أو اسمية مشتملة على ما يصلح لأن يتعلق به الظرف من فعل أو اسم مشتق ، ويطلق على الجملة الثانية الواقعة بعد { لما } اسم الجزاء تسامحاً .

ولما كانت { لما } ظرفاً مبهماً تعين أن يكون مضمون الجملة التي تضاف إليها { لما } معلوماً للسامع ، إذ التوقيت الإعلام بمقارنة زمن مجهول بزمن معلوم . فوجود { لما } هنا يقتضي أن مجيء الملائكة بالبشرى أمر معلوم للسامع مع أنه لم يتقدم ذكر للبشرى ، فتعين أن يكون التعريف في البشرى تعريف العهد لاقتضاء { لما } أن تكون معلومة ، فالبشرى هي ما دل عليه قوله تعالى آنفاً { ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوءة والكتاب } [ العنكبوت : 27 ] كما تقدم بيانه .

والبشرى : اسم للبشارة وهي الإخبار بما فيه مسرة للمخبر بفتح الباء وتقدم ذكر البشارة عند قوله تعالى { إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً } في سورة البقرة ( 119 ) .

ومن لطف الله بإبراهيم أن قدّم له البشرى قبل إعلامه بإهلاك قوم لوط لعلمه تعالى بحلم إبراهيم . والمعنى : قالوا لإبراهيم إنا مهلكوا أهل هذه القرية الخ .

والقرية هي ( سدوم ) قرية قوم لوط . وقد تقدم ذكرها في سورة الأعراف .

وجملة { إن أهلها كانوا ظالمين } تعليل للإهلاك وقصد به استئناس إبراهيم لقبول هذا الخبر المحزن ، وأيضاً لأن العدل يقتضي أن لا يكون العقاب إلا على ذنب يقتضيه .

والظلم : ظلمهم أنفسهم بالكفر والفواحش ، وظلمهم الناس بالغصب على الفواحش والتدرب بها .