السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَمَّا جَآءَتۡ رُسُلُنَآ إِبۡرَٰهِيمَ بِٱلۡبُشۡرَىٰ قَالُوٓاْ إِنَّا مُهۡلِكُوٓاْ أَهۡلِ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةِۖ إِنَّ أَهۡلَهَا كَانُواْ ظَٰلِمِينَ} (31)

ولما دعا لوط على قومه بقوله رب إلى آخره استجاب الله تعالى دعاءه وأمر ملائكته بإهلاكهم وأرسلهم مبشرين ومنذرين كما قال تعالى : { ولما جاءت } وأسقط أن لأنه لم يتصل القول بأوّل المجيء بل كان قبله السلام والضيافة وعظم الرسل بقوله تعالى : { رسلنا } أي : من الملائكة تعظيماً لهم في أنفسهم { إبراهيم بالبشرى } أي : بإسحاق ولداً له ويعقوب ولداً لإسحاق عليهما السلام .

{ قالوا } أي : الرسل عليهم السلام لإبراهيم عليه السلام بعد أن بشروه وتوجهوا نحو سدوم { إنا مهلكوا أهل هذه القرية } أي : قرية سدوم ، والإضافة لفظية لأنّ المعنى على الاستقبال ، ثم عللوا ذلك بقولهم : { إنّ أهلها كانوا ظالمين } أي : عريقين في هذا الوصف فلا حيلة في رجوعهم عنه ، فإن قيل : قال تعالى في قوم نوح : { فأخذهم الطوفان وهم ظالمون } ( العنكبوت ، 14 ) ففي ذلك إشارة إلى أنهم كانوا على ظلمهم حين أخذهم ولم يقل فأخذهم وكانوا ظالمين وهنا قال : { إنّ أهلها كانوا ظالمين } ولم يقل وهم ظالمون ؟ أجيب : بأنه لا فرق في الموضعين في كونهما مهلكين وهم مصرون على الظلم لكن هناك الإخبار من الله تعالى عن الماضي حيث قال فأخذهم وهم عند الوقوع في العذاب ظالمون وههنا الإخبار من الملائكة عن المستقبل حيث قالوا : { إنا مهلكوا } فذكروا ما أمروا به فإنّ الكلام عن الملك بغير إذنه سوء أدب ، وهم كانوا ظالمين في وقت الأمر وكونهم يبقون كذلك لا علم لهم به .