التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَوۡ يَأۡخُذَهُمۡ فِي تَقَلُّبِهِمۡ فَمَا هُم بِمُعۡجِزِينَ} (46)

وقوله - سبحانه - ؛ { أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ } بيان لنوع ثالث من أنواع التهديدات التى هددهم الله - تعالى - بها .

والأخذ فى الأصل : حوز الشئ وتحصيله ، والمراد به هنا : القهر والإِهلاك والتدمير ومنه قوله - تعالى - { فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً } وقوله - تعالى - : { كَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عِزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ } والتقلب : الحركة السريعة إقبالا وإدبارا ، من أجل السعى فى شئون الحياة من متاجرة ومعاملة وسفر وغير ذلك .

ومنه قوله - تعالى - : { لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الذين كَفَرُواْ فِي البلاد } أى : فى قدرتنا أن نخسف بهم الأرض ، وأن نرسل عليهم العذاب من حيث لا يشعرون ، وفى قدرتنا كذلك أن نهلكهم وهم يتحركون فى مناكب الأرض خلال سفرهم أو إقامتهم ، فإنهم فى جميع الأحوال لايعجزنا أخذهم ، ولامهرب لهم مما نريده بهم .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - :

{ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَوۡ يَأۡخُذَهُمۡ فِي تَقَلُّبِهِمۡ فَمَا هُم بِمُعۡجِزِينَ} (46)

22

أو يأخذهم وهم يتقلبون في البلاد ، من بلد إلى بلد للتجارة والسياحة ، ( فما هم بمعجزين ) لله ، ولا يبعد عليه مكانهم في حل أو ترحال .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَوۡ يَأۡخُذَهُمۡ فِي تَقَلُّبِهِمۡ فَمَا هُم بِمُعۡجِزِينَ} (46)

{ أو يأخذهم في تقلّبهم } أي متقلبين في مسايرهم ومتاجرهم . { فما هم بمعجزين } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَوۡ يَأۡخُذَهُمۡ فِي تَقَلُّبِهِمۡ فَمَا هُم بِمُعۡجِزِينَ} (46)

الأخذ مستعار للإهلاك قال تعالى : { فأخذهم أخذة رابية } [ سورة الحاقة : 10 ] . وتقدّم عند قوله : { أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون } في سورة الأنعام ( 44 ) .

والتّقلّب : السعي في شؤون الحياة من متاجرة ومعاملة وسفر ومحادثة ومزاحمة . وأصله : الحركة إقبالاً وإدباراً ، والمعنى : أن يهلكهم الله وهم شاعرون بمجيء العذاب .

وهذا قسيم قوله تعالى : { أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون } [ سورة النحل : 45 ] . وفي معناه قوله تعالى : { أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحًى وهم يلعبون } [ سورة الأعراف : 98 ] وتفريع { فما هم بمعجزين } اعتراض ، أي لا يمنعهم من أخذه إيّاهم تقلّبهم شيء إذ لا يعجزه اجتماعهم وتعاونهم .

و { في } للظرفية المجازية ، أي الملابسة ، وهي حال من الضمير المنصوب في { يأخذهم } .