مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{أَوۡ يَأۡخُذَهُمۡ فِي تَقَلُّبِهِمۡ فَمَا هُم بِمُعۡجِزِينَ} (46)

والثالث : أن يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين ، وفي تفسير هذا التقلب وجوه : الأول : أنه يأخذهم بالعقوبة في أسفارهم ، فإنه تعالى قادر على إهلاكهم في السفر كما أنه قادر على إهلاكهم في الحضر ، وهم لا يعجزون الله بسبب ضربهم في البلاد البعيدة بل يدركهم الله حيث كانوا ، وحمل لفظ التقلب على هذا المعنى مأخوذ من قوله تعالى : { لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد } . وثانيهما : تفسير هذا اللفظ بأنه يأخذهم بالليل والنهار في أحوال إقبالهم وإدبارهم وذهابهم ومجيئهم وحقيقته في حال تصرفهم في الأمور التي يتصرف فيها أمثالهم .

وثالثها : أن يكون المعنى أو يأخذهم في حال ما ينقلبون في بقايا أفكارهم فيحول الله بينهم وبين إتمام تلك الحيل قسرا كما قال : { ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون } وحمل لفظ التقلب على هذا المعنى مأخوذ من قوله : { وقلبوا لك الأمور } فإنهم إذا قلبوها فقد تقلبوا فيها .

والنوع الرابع : من الأشياء التي ذكرها الله تعالى في هذه الآية على سبيل التهديد