التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأَنۡ أَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّقُوهُۚ وَهُوَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (72)

وقوله { وَأَنْ أَقِيمُواْ الصلاة واتقوه } معطوف على محل { لِنُسْلِمَ } كأنه قيل أمرنا لنسلم وأمرنا أيضاً بإقامة الصلاة والاتقاء .

وفى تخصيص الصلاة بالذكر من بين أنواع الشرائع وعطفها على الأمر بالإسلام ، وقرنها بالأمر بالتقوى دليل على تفخيم أمرها وعظمة شأنها .

وقوله { وَهُوَ الذي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } جملة مستأنفة موجبة لامتثال ما أمر من الأمور الثلاثة ، أى : هو الذى تعودون إليه يوم القيامة للحساب لا إلى غيره .

ٍ

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَنۡ أَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّقُوهُۚ وَهُوَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (72)

وبعد إعلان الاستسلام لرب العالمين تجيء التكاليف التعبدية والشعورية :

( وأن أقيموا الصلاة واتقوه ) .

فالأصل هو الاستسلام لربوبية رب العالمين ، وسلطانه وتربيته وتقويمه . ثم تجيء العبادات الشعائرية ؛ وتجيء الرياضات النفسية . . لتقوم على قاعدة الاستسلام . . فإنها لا تقوم إلا إذا رسخت هذه القاعدة ليقوم عليها البناء .

وفي الإيقاع الأخير في الفقرة يحشد السياق المؤثرات من الحقائق الأساسية في العقيدة : حقيقة الحشر . وحقيقة الخلق . وحقيقة السلطان . وحقيقة العلم بالغيب والشهادة . وحقيقة الحكمة والخبرة . . من خصائص الألوهية ، التي هي الموضوع الرئيسي في هذه السورة :

( وهو الذي إليه تحشرون . وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق . ويوم يقول : كن فيكون . قوله الحق ، وله الملك يوم ينفخ في الصور ، عالم الغيب والشهادة ، وهو الحكيم الخبير ) . .

( وهو الذي إليه تحشرون ) . .

إن الاستسلام لرب العالمين ضرورة وواجب . . فهو الذي إليه تحشر الخلائق . . فأولى لهم أن يقدموا بين يدي الحشر - الحتمي - ما ينجيهم ؛ وأولى لهم أن يستسلموا اليوم له استسلام العالمين ؛ قبل أن يقفوا أمامه

مسؤولين . . وكذلك يصبح تصور هذه الحقيقة - حقيقة الحشر - موحيا بالاستسلام في المبدأ ، ما دام أنه لا مفر من الاستسلام في المصير !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَنۡ أَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّقُوهُۚ وَهُوَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (72)

{ وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ } أي : وأمرنا بإقامة الصلاة وبتقواه في جميع الأحوال ، { وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } أي : يوم القيامة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَأَنۡ أَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّقُوهُۚ وَهُوَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (72)

{ وأن أقيموا الصلاة واتقوه } عطف على لنسلم أي للإسلام ولإقامة الصلاة ، أو على موقعه كأنه قيل : وأمرنا أن نسلم أو أقيم الصلاة . روي : أن عبد الرحمن بن أبي بكر دعا أباه إلى عبادة الأوثان ، فنزلت . وعلى هذا كان أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا القول إجابة عن الصديق رضي الله تعالى عنه تعظيما لشأنه وإظهارا للاتحاد الذي كان بينهما . { وهو الذي إليه تحشرون } يوم القيامة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأَنۡ أَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّقُوهُۚ وَهُوَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (72)

وقوله : { وأن أقيموا الصلاة } إنْ جُعلت ( أنْ ) فيه مصدرية على قول سيبويه ، إذ يسوّغ دخول ( أنْ ) المصدرية على فِعل الأمر فتفيد الأمر والمصدرية معاً لأنّ صيغة الأمر لم يؤت بها عبثاً ، فقول المعربين : إنَّه يتجرّد عن الأمرية ، مرادهم به أنَّه تجرّد عن معنى فعل الأمر إلى معنى المصدرية فهو من عطف المفردات . وهو إمّا عطف على { لنسلم } بتقدير حرف جرّ محذوف قبل ( أنْ ) وهو الباء . وتقدير الحرف المحذوف يدلّ عليه معنى الكلام ، وإمّا عطف على معنى { لنسلم } لأنَّه وقع في موقع بأن نسلم ، كما تقدّم عن الزجّاج . فالتقدير : أمرنا بأن نسلم ، ثم عطف عليه { وأن أقيموا } أي وأمرنا بأن أقيموا ، والعطف على معنى اللفظ وموقِعه استعمال عربي ، كقوله تعالى : { لولا أخَّرْتَنِي إلى أجل قريب فأصّدّقَ وأكُنْ } [ المنافقون : 10 ] إذ المعنى إنْ تُؤخّرني أصّدّقْ وأكُنْ .

وإن جُعلت ( أنْ ) فيه تفسيرية فهو من عطف الجمل . فيقدّر قوله : { أمرنا لنسلم } بأمِرْنا أن أسلموا لنُسلم { وأن أقيموا الصلاة } ، أي لنقيم فيكون في الكلام احتباك .

وأظهر من هذا أن تكون ( أنْ ) تفسيرية . وهي تفسير لما دلَّت عليه واوُ العطف من تقدير العامل المعطوف عليه ، وهو { وأمرنا } ، فإنّ { أمرنا } فيه معنى القول دون حروفه فناسب موقع ( أنْ ) التفسيرية .

وتقدّم معنى إقامة الصلاة في صدر سورة البقرة ( 3 ) .

و { اتَّقوه } عطف على { أقيموا } ويجري فيه ما قُرّر في قوله { وأن أقيموا } . والضمير المنصوب عائد إلى { ربّ العالمين } وهو من الكلام الذي أمروا بمقتضاه بأن قال الله للمؤمنين : أسلموا لربّ العالمين وأقيموا الصلاة واتَّقُوه . ويجوز أن يكون محكياً بالمعنى بأن قال الله : اتَّقون ، فحُكي بما يوافق كلام النبي المأمور بأن يقوله بقوله تعالى : { قل إنّ هدى الله هو الهدى } ، كما في حكاية قول عيسى : { ما قلتُ لهم إلاّ مَا أمَرتني به أن اعبدوا الله ربِّي وربّكم } [ المائدة : 117 ] .

وجَمع قوله : { واتَّقوه } جميعَ أمور الدين ، وتخصيصُ إقامة الصلاة بالذكر للاهتمام .

وجملة : { وهو الذي إليه تُحشرون } إمّا عطف على جملة { اتَّقُوه } عطف الخبر على الإنشاء فتكون من جملة المقول المأمور به بقوله : { قل إنّ هدى الله } ، أي وقل لهم وهو الذي إليه تحشرون ، أو عطف على { قل } فيكون من غير المقول . وفي هذا إثبات للحشر على منكريه وتذكير به للمؤمنين به تحريضاً على إقامة الصلاة والتقوى .

واشتملت جملة { وهو الذي إليه تحشرون } على عدّة مؤكّدات وهي : صيغة الحصر بتعريف الجزأين ، وتقديم معمول { تحشرون } المفيد للتقوّي لأنّ المقصود تحقيق وقوع الحشر على من أنكره من المشركين وتحقيق الوعد والوعيد للمؤمنين ، والحصر هنا حقيقي إذ هم لم ينكروا كون الحشر إلى الله وإنَّما أنكروا وقوع الحشر ، فسلك في إثباته طريق الكناية بقصره على الله تعالى المستلزم وقوعه وأنَّه لا يكون إلاّ إلى الله ، تعريضاً بأنّ آلهتهم لا تغني عنهم شيئاً .