التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَٰكِهِينَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ وَوَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ} (18)

{ فَاكِهِينَ } أى : متلذذين متنعمين بما يحيط بهم من خيرات ، مأخوذ من الفَكاهة - بفتح الفاء - وهى طيب العيش مع النشاط ، يقال : فكه الرجل فكَها ، وفكاهة فهو فكِه وفاكه . إذا طاب عيشه ، وزاد سروره ، وعظم نشاطه ، وسميت الفاكهة بهذا الاسم لتلذذ الإنسان بها .

{ بِمَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الجحيم } أى متلذذين بسبب ما آتاهم ربهم من جنات عظيمة ، ووقاهم - سبحانه - بفضله ورحمته العذاب الذى يؤلمهم .

ويقال لهم فضلا عن ذلك على سبيل التكريم : { كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَٰكِهِينَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ وَوَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ} (18)

أما الشوط الثاني فهو مثير للحس ، ولكن بما فيه من رخاء ورغد ، وهتاف بالمتاع لا يقاوم ، وبخاصة بعد مشهد العذاب البئيس :

( إن المتقين في جنات ونعيم . فاكهين بما آتاهم ربهم ، ووقاهم ربهم عذاب الجحيم . كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون . متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين . والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ، ألحقنا بهم ذريتهم ، وما ألتناهم من عملهم من شيء ، كل امرئ بما كسب رهين . وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون ، يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم . ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون . وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون . قالوا : إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين ؛ فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم . إنا كنا من قبل ندعوه ، إنه هو البر الرحيم ) . .

والمشهد أقرب إلى مشاهد النعيم الحسي ، الذي يخاطب المشاعر في أول العهد ، والذي يجتذب النفوس بلذائذ الحس في صورتها المصفاة . وهو مقابل لذلك العذاب الغليظ التي تواجه به القلوب الجاسية والقلوب اللاهية كذلك :

( إن المتقين في جنات ونعيم . فاكهين بما آتاهم ربهم ، ووقاهم ربهم عذاب الجحيم ) . .

ومجرد الوقاية من عذاب الجحيم الذي عرضت مشاهده في هذه السورة فضل ونعمة . فكيف ومعه ( جنات ونعيم )? وهم يلتذون ما آتاهم ربهم ويتفكهون ?

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَٰكِهِينَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ وَوَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ} (18)

وقوله : فاكِهِينَ يقول : عندهم فاكهة كثيرة ، وذلك نظير قول العرب للرجل يكون عنده تمر كثير : رجل تامر ، أو يكون عنده لبن كثير ، فيقال : هو لابن ، كما قال الحُطَيئة :

أغَرَرْتَنِي وَزَعَمْتَ *** أنّكَ لابِنٌ في الصّيْفِ تامِرْ

وقوله : بِما آتاهُمْ رَبّهُمْ يقول : عندهم فاكهة كثيرة بإعطاء الله إياهم ذلك وَوَقاهُمْ رَبّهُم عَذَابَ الجَحِيمِ يقول : ورفع عنهم ربهم عقابه الذي عذّب به أهل الجحيم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَٰكِهِينَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ وَوَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ} (18)

وقرأ الجمهور { فاكهين } بصيغة اسم الفاعل ، وقرأه أبو جعفر { فكهين } بدون ألف .

والباء في { بما آتاهم ربهم } للسببية ، والمعنى : أن ربهم أرضاهم بما يحبون .

واستحضار الجلالة بوصف { ربهم } للإِشارة إلى عظيم ما آتاهم إذ العطاء يناسب حال المعطي ، وفي إضافة ( رب ) إلى ضميرهم تقريب لهم وتعظيم وجملة { ووقاهم ربهم عذاب الجحيم } في موضع الحال ، والواو حالية ، أو عاطفة على { فاكهين } الذي هو حال ، والتقدير : وقد وقاهم ربهم عذاب الجحيم ، وهو حال من المتقين . والمقصود من ذكر هذه الحالة : إظهار التباين بين حال المتقين وحال المكذبين زيادة في الامتنان فإن النعمة تزداد حسن وقع في النفس عند ملاحظة ضدها .

وفيه أيضاً أن وقايتهم عذاب الجحيم عدل ، لأنهم لم يقترفوا ما يوجب العقاب . وأما ما أعطوه من النعيم فذلك فضل من الله وإكرام منه لهم .

وفي قوله : { ربهم } ما تقدم قُبَيْله .