روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{فَٰكِهِينَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ وَوَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ} (18)

{ فاكهين } متلذذين { بِمَا ءاتاهم رَبُّهُمْ } من الإحسان ، وقرئ فكهين بلا ألف ، ونصبه في القراءتين على الحال من الضمير المستتر في الجار والمجرور أعني { في جنات } [ الطور : 17 ] الواقع خبراً لأن ، وقرأ خالد فاكهون بالرفع على أنه الخبر ، وفي جنات متعلق به لكنه قدم عليه للاهتمام ، ومن أجاز تعدد الخبر أجاز أن يكون خبراً بعد خبر { ووقاهم رَبُّهُمْ عَذَابَ الجحيم } عطف على { فِي جنات } [ الطور : 17 ] على تقدير كونه خبراً كأنه قيل : استقروا { فِي جنات } { ووقاهم رَبُّهُمْ } الخ ، أو على { ءاتاهم } إن جعلت { مَا } مصدرية أي فاكهين بإيتائهم ربهم ووقايتهم عذاب الجحيم ، ولم يجوز كثير عطفه عليه إن جعلت موصولة إذ يكون التقدير فاكهين بالذي وقاهم ربهم فلا يكون راجع إلى الموصول ، وجوزه بعض بتقدير الراجع أي وقاهم به على أن الباء للملابسة ، وفي «الكشف » لم يحمل على حذف الراجع لكثرة الحذف ولو درج لصاً ، والفعل من المتعدي إلى ثلاثة مفاعيل وهو مسموع عند بعضهم ، ولا يخفى أنه وجه سديد أيضاً ، والمعنى عليه أسد لأن الفكاهة تلذذ يشتغل به صاحبه والتلذذ بالايتاء يحتمل التجدد باعتبار تعدد المؤتى إما بالوقاية أي على تقدير المصدرية فلا ، وأقول لعله هو المنساق إلى الذهن ، وجوز أن يكون حالاً بتقدير قد أو بدونه إما من المستكن في الخبر أو في الحال . وإما من فاعل آتى . أو من مفعوله . أو منهما ، وإظهار الرب في موقع الإضمار مضافاً إلى ضميرهم للتشريف والتعليل . وقرأ أبو حيوة { *وقاهم } بتشديد القاف .

ومما ذكروه من باب الإشارة : { فاكهين بِمَا ءاتاهم رَبُّهُمْ } مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر { ووقاهم رَبُّهُمْ عَذَابَ الجحيم } [ الطور : 18 ] وهو عذاب الحجاب