التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ إِن كُنتُم بِـَٔايَٰتِهِۦ مُؤۡمِنِينَ} (118)

بعد كل ذلك انتقل القرآن إلى الكلام فى مسألة كثر فيها الجدل بين المسلمين والمشركين ، وهى مسألة الذبائح ما ذكر عليه اسم الله منها وما لم يذكر فقال - تعالى - : { فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ . . . . } .

روى أبو داود بسنده عن ابن عباس قال : أتى ناس إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فقالوا يا رسول الله إنا نأكل ما نقتل ولا نأكل ما يقتل الله - فأنزل الله - { فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسم الله عَلَيْهِ } . إلى قوله { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } .

وذكر الواحدى أن المشركين قالوا : يا محمد أخبرنا عن الشاة إذا ماتت من قتلها فقال الله قتلها . قالوا : فتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال وما قتل الصقر أو الكلاب حلال وما قتله الله حرام فأنزل الله - تعالى - قوله : { فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسم الله عَلَيْهِ } الآية .

والخطاب فى الآية الكريمة للمؤمنين الذين ضايقهم جدال المشركين لهم فى شأن الذبائح .

والمعنى كلوا أيها المؤمنون مما ذكر اسم الله عليه عند ذبحه واتركوا ما ذكر عليه اسم غيره كالأوثان أو ما ذبح على النصب ، أو ما ذكر اسم مع اسمه - تعالى - أو ما مات حتف أنفه ، ولا تضرنكم مخالفتكم للمشركين فى ذلك فإنهم ما يتبعون فى عقائدهم ومآكلهم وأعمالهم إلا تقاليد الجاهلية وأوهامها التى لا ترتكز على شىء من الحق .

والفاء فى قوله : { فَكُلُواْ } يرى الزمخشرى أنها جواب لشرط مقدر والتقدير : إن كنتم محقين فى الإيمان فكلوا ، ويرى غيره أنها معطوفة على محذوف والتقدير " كونوا على الهدى فكلوا " .

وقوله : { إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ } أى : إن كنتم بآياته التى من جملتها الآيات الواردة فى هذا الشأن مؤمنين ، فإن الإيمان بها يقتضى استباحة ما أحله سبحانه واجتناب ما حرمه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ إِن كُنتُم بِـَٔايَٰتِهِۦ مُؤۡمِنِينَ} (118)

114

بعد هذا التمهيد التقريري الطويل تجيء قضية الذبائح ، مبنية على القاعدة الأساسية التي أقامها ذلك التمهيد التقريري الطويل :

فكلوا مما ذكر اسم الله عليه . . إن كنتم بآياته مؤمنين . . وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه ، وقد فصل لكم ما حرم عليكم - إلا ما اضطررتم إليه - وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم ، إن ربك هو أعلم بالمعتدين . وذروا ظاهر الإثم وباطنه ، إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون . ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه - وإنه لفسق - وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم ، وإن أطعتموهم إنكم لمشركون . .

وقبل أن ندخل في تفصيل هذه الأحكام من الناحية الفقهية ، يهمنا أن نبرز المبادئ الأساسية الإعتقادية التي تقررها .

إنه يأمر بالأكل مما ذكر اسم الله عليه . والذكر يقرر الوجهة ويحدد الاتجاه . ويعلق إيمان الناس بطاعة هذا الأمر الصادر إليهم من الله :

( فكلوا مما ذكر اسم الله عليه . . إن كنتم بآياته مؤمنين ) . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ إِن كُنتُم بِـَٔايَٰتِهِۦ مُؤۡمِنِينَ} (118)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَكُلُواْ مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وعباده المؤمنين به وبآياته : فكلوا أيها المؤمنون مما ذكيتم من ذبائحكم وذبحتموه الذبح الذي بينت لكم أنه تحلّ به الذبيحة لكم ، وذلك ما ذبحه المؤمنون بي من أهل دينكم دين الحقّ ، أو ذبحه من دان بتوحيدي من أهل الكتاب ، دون ما ذبحه أهل الأوثان ومن لا كتاب له من المجوس . { إنْ كُنْتُمْ بآياتِهِ مُؤْمِنِينَ }يقول : إن كنتم بحجج الله التي أتتكم وإعلامه بإحلال ما أحللت لكم وتحريم ما حرّمت عليكم من المطاعم والمآكل مصدّقين ، ودعوا عنكم زخرف ما توحيه الشياطين بعضها إلى بعض من زخرف القول لكم وتلبيس دينكم عليكم غرورا .

وكان عطاء يقول في ذلك ما حدثنا به محمد بن بشار ومحمد بن المثنى ، قالا : حدثنا أبو عاصم ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : قلت لعطاء : قوله : { فَكُلُوا مِمّا ذُكرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ } قال : يأمر بذكر اسمه على الشراب والطعام والذبح ، وكلّ شيء يدلّ على ذكره يأمر به .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ إِن كُنتُم بِـَٔايَٰتِهِۦ مُؤۡمِنِينَ} (118)

{ فكلوا مما ذكر اسم الله عليه } مسبب على إنكار اتباع المضلين الذين يحرمون الحلال ويحللون الحرام ، والمعنى كلوا مما ذكر اسم الله على ذبحه لا مما ذكر عليه اسم غيره أو مات حتف أنفه . { إن كنتم بآياته مؤمنين } فإن الإيمان بها يقتضي استباحة ما أحله الله سبحانه وتعالى واجتناب ما حرمه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ إِن كُنتُم بِـَٔايَٰتِهِۦ مُؤۡمِنِينَ} (118)

القصد بهذه الآية النهي عما ذبح للنصب وغيرها وعن الميتة وأنواعها ، فجاءت العبارة أمراً بما يضاد ما قصد النهي عنه ، ولا قصد في الآية إلى ما نسي فيه المؤمن التسمية أو تعمدها بالترك ، وقال عطاء : هذه الآية أمر بذكر اسم الله على الشراب والطعام والذبح وكل مطعوم وقوله { إن كنتم بآياته مؤمنين } أي إن كنتم بأحكامه وأوامره آخذين ، فإن الإيمان بها يتضمن ويقتضي الأخذ بها والانقياد لها .