تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ إِن كُنتُم بِـَٔايَٰتِهِۦ مُؤۡمِنِينَ} (118)

الآية 118 وقوله تعالى : { فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين } صرف أهل التأويل الآية إلى أهل الكفر ، وقالوا : ما بالكم تأكلون ذبائحكم التي ذبحتم ، ولا تأكلون مما ذكر عليه اسم ]{[7664]} الله ، وزكاه ؛ صرفوا الخطاب به إلى أهل الشرك ، والأشبه أن يصرف الخطاب به إلى أهل الإسلام لأنه ذكر في آخره : { إن كنتم بآياته مؤمنين } . ومثل هذا لا يذكر في أهل الشرك ، إنما ذكر الخطاب [ إلى ]{[7665]} أهل الإسلام كقوله تعالى : { ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر } [ البقرة : 228 ] وقوله تعالى : { وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين } [ البقرة : 278 ] ونحوه من الآيات .

فعلى ذلك الأشبه أن يصرف الخطاب بها إلى أهل الإسلام ؛ كان قوم{[7666]} من أهل الإسلام منعوا أنفسهم عن التناول من هذه الذبائح واللحوم ، فنهوا عن ذلك نحو ما روي في بعض القصة أن نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هموا أن يخضعوا{[7667]} أنفسهم ، وألا يعطوا أنفسهم شهواتها ، وألا يتناولوا{[7668]} من الطيبات ، فنهوا عن ذلك . وقيل : فيهم نزل قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم } [ المائدة : 87 ] فيشبه أن يكون قوله تعالى : { فكلوا مما ذكر اسم الله عليه } فيهم ، أو لما علم أن قوما من المتقشفة والمتزهدة{[7669]} يحرمون ذلك على أنفسهم ، فنهوا عن ذلك .

فإن كان [ هذا ]{[7670]} ما قال أهل التأويل فهو ، والله أعلم ، كأنه قال : { فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين } بما تعلمون أن الخلق والأمر له ، وقد أنشأ لكم من الآيات ما تعلمون ذلك ، فكيف تحرمون ما{[7671]} ذكر اسم الله عليه ؟


[7664]:- في الأصل وم: تأكلوا ما ذبح.
[7665]:- ساقطة من الأصل وم.
[7666]:- في الأصل وم: قوما.
[7667]:- في الأصل وم: يخصوا.
[7668]:- في الأصل وم: يتناول.
[7669]:- في الأصل وم: والمتوصدة.
[7670]:- ساقطة من الأصل وم.
[7671]:- في الأصل وم: مما.