فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ إِن كُنتُم بِـَٔايَٰتِهِۦ مُؤۡمِنِينَ} (118)

{ فكلوا } في هذه الفاء وجهان ( أحدهما ) أنها جواب شرط قدر قاله الزمخشري ( والثاني ) أنها عاطفة على محذوف ، قاله الواحدي وهو الظاهر { مما ذكر اسم الله عليه } عند ذبحه ، لما تقدم ذكر ما يصنعه الكفار في الأنعام من تلك السنن الجاهلية أمر الله المسلمين بأن يأكلوا مما ذكر الاسم الشريف عليه .

وقيل إنها نزلت في سبب خاص كما أخرج أبو داود والترمذي وحسنه والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال : جاءت اليهود إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا : إنا نأكل مما قتلنا ولا نأكل مما قتل الله فأنزل الله هذه الآية إلى قوله : { إنكم لمشركون } ولكن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فكل ما ذكر الذابح عليه اسم الله حل إن كان مما أباح الله أكله وقال عطاء في هذه الآية الأمر بذكر الله على الشراب والذبح وكل مطعوم .

والشرط في { إن كنتم } للتهييج والإلهاب { بآياته مؤمنين } أي بأحكامه من الأوامر والنواهي التي من جملتها الأمر بالأكل مما ذكر اسم الله عليه لا مما ذكره عليه اسم غيره فقط أو مع اسمه تعالى أو مات حتف أنفه ، وهذا يدل على أن الخطاب للمسلمين وقيل كانوا يحرمون أصنافا من النعم ويحلون الميتة فقيل أحلوا ما أحل الله وحرموا ما حرم الله ، وعلى هذا الخطاب للمشركين والأولى أولى .