التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ فَيَقُولُ أَيۡنَ شُرَكَآءِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ} (62)

ثم حكى - سبحانه - جانبا من أقوال المشركين يوم القيامة ، ومن أحوالهم السيئة ، ورد أمرهم وأمر غيرهم إليه وحده - عز وجل- فقال : { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ . . . } .

الظرف فى قوله - سبحانه - : { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ } منصوب بفعل مقدر ، ونداؤهم نداء إهانة وتحفير . والنداء صادر عن الله - تعالى - .

أى : واذكر - أيها المخاطب - لتتعظ وتعتبر ، حال أولئك الظالمين ، يوم يناديهم الله - تعالى - فيقول لهم : { أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } أى : أين شركائى الذين كنتم فى الدنيا تزعمونهم شركائى ، لكى ينصروكم أو يدفعوا عنكم العذاب .

فمفعولا { تَزْعُمُونَ } محذوفان ، لدلالة الكلام عليهما . والمقصود بهذا الاستهفام { أَيْنَ شُرَكَآئِيَ } الخزى والفضيحة ، إذ من المعلوم أنه لا شركاء لله - تعالى - لا فى ذاته ولا فى صفاته .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ فَيَقُولُ أَيۡنَ شُرَكَآءِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ} (62)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ * قَالَ الّذِينَ حَقّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبّنَا هََؤُلآءِ الّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُوَاْ إِيّانَا يَعْبُدُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ويوم ينادي ربّ العزّة الذين أشركوا به الأنداد والأوثان في الدنيا ، فيقول لهم : أيْنَ شُرَكائِيَ الّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أنهم لي في الدنيا شركاء ؟ قالَ الّذِينَ حَقّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ يقول : قال الذين وجب عليهم غضب الله ولعنته ، وهم الشياطين الذين كانوا يُغْوُون بني آدم : رَبّنا هَؤلاءِ الّذِينَ أغْوَيْنا ، أغْوَيْناهُمْ كمَا غَوَيْنا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قَتادة ، في قوله هَؤُلاءِ الّذِينَ أغْوَيْنا ، أغْوَيْناهُمْ كمَا غَوَيْنا قال : هم الشياطين .

وقوله : تَبرّأنا إلَيْكَ يقول : تبرأنا من وَلايتهم ونُصْرتهم إليك ما كانُوا إِيّانَا يَعْبُدُونَ : يقول : لم يكونوا يعبدوننا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ فَيَقُولُ أَيۡنَ شُرَكَآءِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ} (62)

تخلص من إثبات بعثة الرسل وبعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلى إبطال الشركاء لله ، فالجملة معطوفة على جملة { أفمن وعدناه وعداً حسناً } [ القصص : 61 ] مفيدة سبب كونهم من المحضرين ، أي لأنهم اتخذوا من دون الله شركاء ، وزعموا أنهم يشفعون لهم فإذا هم لا يجدونهم يوم يحضرون للعذاب ، فلك أن تجعل مبدأ الجملة قوله { يناديهم } فيكون عطفاً على جملة { ثم هو يوم القيامة من المحضرين } [ القصص : 61 ] أي يحضرون و { يناديهم فيقول : أين شركائي } الخ . ولك أن تجعل مبدأ الجملة قوله { يوم يناديهم } . ولك أن تجعله عطف مفردات فيكون { يوم يناديهم } عطفاً على { يوم القيامة من المحضرين } [ القصص : 61 ] فيكون { يوم يناديهم } عين { يوم القيامة } وكان حقه أن يأتي بدلاً من { يوم القيامة } لكنه عدل عن الإبدال إلى العطف لاختلاف حال ذلك اليوم باختلاف العنوان ، فنزل منزلة يوم مغاير زيادة في تهويل ذلك اليوم .

ولك أن تجعل { يوم يناديهم } منصوباً بفعل مقدر بعد واو العطف بتقدير : اذكر ، أو بتقدير فعل دل عليه معنى النداء . واستفهام التوبيخ من حصول أمر فظيع ، تقديره : يوم يناديهم يكون ما لا يوصف من الرعب .

وضمير { يناديهم } المرفوع عائد إلى الله تعالى . وضمير الجمع المنصوب عائد إلى المتحدث عنهم في الآيات السابقة ابتداء من قوله { وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا } [ القصص : 57 ] فالمنادون جميع المشركين كما اقتضاه قوله تعالى { أين شركائي الذين كنتم تزعمون } .

والاستفهام بكلمة { أين } ظاهره استفهام عن المكان الذي يوجد فيه الشركاء ولكنه مستعمل كناية عن انتفاء وجود الشركاء المزعومين يومئذ ، فالاستفهام مستعمل في الانتفاء .

ومفعولا { تزعمون } محذوفان دل عليهما { شركائي الذين كنتم تزعمون } أي تزعمونهم شركائي ، وهذا الحذف اختصار وهو جائز في مفعولي ( ظن ) .