التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنشَأۡنَٰهُنَّ إِنشَآءٗ} (35)

والضمير فى قوله - تعالى - : { إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً . . . } عائد إلى غيره مذكور ، إلا أنه يفهم من سياق الكلام . لأن الحديث عن الفرش المرفوعة يشير إلى من يجلس عليها ، وهم الرجال ونساؤهم ، أى : نساؤهم من أهل الدنيا أو الحور العين ، ويرى بعضهم أنه يعود إلى مذكور ، لأن المراد بالفرش النساء ، والعرب تسمى المرأة لباسا ، وإزارا ، وفراشا .

والإنشاء : الخلق والإيجاد . فيشمل إعادة ما كان موجودا ثم عدم ، كما يشمل الإيجاد على سبيل الابتداء .

أى : إنا أنشأنا هؤلاء النساء المطهرات من كل رجس حسى أو معنوى ، إنشاء جميلا ، يشرح الصدور .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنشَأۡنَٰهُنَّ إِنشَآءٗ} (35)

وقوله : إنّا أنْشأناهُنّ إنْشاءً فجَعَلْناهُنّ أبْكارا عُرُبا يقول تعالى ذكره : إنا خلقناهن خلقا فأوجدناهنّ قال أبو عبيدة : يعني بذلك : الحور العين اللاتي ذكرهنّ قبل ، فقال : وَحُورٌ عينٌ كأمْثالِ اللّؤْلُؤِ المَكْنُونِ إنّا أنْشأناهُنّ إنْشاءً ، وقال الأخفش : أضمرهنّ ولم يذكرهنّ قبل ذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة إنّا أنْشأناهُنّ إنْشاءً قال : خلقناهنّ خَلقا .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا معاوية بن هشام ، عن شيبان ، عن جابر الجُعفي ، عن يزيد بن مرّة ، عن سلمة بن يزيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الاَية إنّا أنْشأْناهُنّ إنْشاءً قال : «مِنَ الثّيّب والأبْكارِ » .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنشَأۡنَٰهُنَّ إِنشَآءٗ} (35)

لما جرى ذكر الفُرش وهي مما يعد للاتكاء والاضطجاع وقت الراحة في المنزل يخطر بالبال بادىء ذي بدء مصاحبة الحُور العين معهم في تلك الفرش فيتشوف إلى وصفهن ، فكانت جملة : { إنا أنشأناهن إنشاءً } بياناً لأن الخاطر بمنزلة السؤال عن صفات الرفيقات .

فضمير المؤنث من { أنشأناهن } عائد إلى غير مذكور في الكلام ولكنه ملحوظ في الأفهام كقول أبي تمام في طالع قصيدة :

هُنّ عوادي يوسفٍ وصواحبه

ومنه قوله تعالى : { حتى توارت بالحجاب } [ ص : 32 ] . وهذا أحسن وجه في تفسير الآية ، فيكون لفظ { فرش } [ الواقعة : 34 ] في الآية مستعملاً في معنييه ويكون { مرفوعة } [ الواقعة : 34 ] مستعملاً في حقيقته ومجازه ، أي في الرفع الحسي والرفع المعنوي .

والإِنشاء : الخَلق والإِيجاد فيشمل إعادة ما كان موجوداً وعُدم ، فقد سمّى الله الإِعادة إنشاء في قوله تعالى : { ثم الله ينشىء النشأة الآخرة } [ العنكبوت : 20 ] فيدخل نساء المؤمنين اللاءِ كُنّ في الدنيا أزواجاً لمن صاروا إلى الجنة ويشمل إيجادَ نساء أُنُفاً يُخلقن في الجنة لنعيم أهلها .