التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ مَا كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ} (29)

ثم انتقلت السورة الكريمة إلى بيان المصير الأليم الذى ينتظر هؤلاء المكذبين ، فقال - تعالى - : { انطلقوا إلى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ . انطلقوا إلى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ . لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللهب . إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كالقصر . كَأَنَّهُ جمالت صُفْرٌ }

وقوله - سبحانه - : { انطلقوا } مفعول لقول محذوف . أى : يقال للكافرين يوم القيامة - على سبيل الإِهانة والإِذلال - : انطلقوا إلى ما كنتم تكذبون به فى الدنيا من العذاب .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ مَا كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ} (29)

القول في تأويل قوله تعالى : { انطَلِقُوَاْ إِلَىَ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ * انطَلِقُوَاْ إِلَىَ ظِلّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ * لاّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللّهَبِ * إِنّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ * كَأَنّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } .

قول تعالى ذكره لهؤلاء المكذّبين بهذه النّعم والحجج التي احتجّ بها عليهم يوم القيامة : انْطَلِقُوا إلى ما كُنْتُمْ بِهِ في الدنيا تُكَذّبُونَ من عذاب الله لأهل الكفر به انْطَلِقُوا إلى ظِلّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ يعني تعالى ذكره : إلى ظلّ دخان ذي ثلاث شعب لا ظَلِيلٍ ، وذلك أنه يرتفع من وقودها الدخان فيما ذُكر ، فإذا تصاعد تفرّق شعبا ثلاثا ، فذلك قوله : ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : إلى ظِلّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ قال : دخان جهنم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ظِلّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ قال : هو كقوله : نارا أحاطَ بِهِمْ سُرَادِقُها قال : والسرادق : دخان النار ، فأحاط بهم سرادقها ، ثم تفرّق ، فكان ثلاث شعب ، فقال : انطلقوا إلى ظلّ ذي ثلاث شعب : شعبة ههنا ، وشعبة ههنا ، وشعبة ههنا لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللّهَبِ .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ مَا كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ} (29)

هذا خطاب للمكذبين في يوم الحشر فهو مقول قول محذوف دل عليه صيغة الخطاب بالانطلاق دون وجود مخاطب يؤمر به الآن .

والضمير المقدَّر مع القول المحذوف عائد إلى المكذبين ، أي يقال للمكذبين .

والأمر بانطلاقهم مستعمل في التسخير لأنهم تنطلق بهم ملائكة العذاب قسراً .

وما كانوا به يكذبون هو جهنم . وعبر عنه بالموصول وصلته لما تتضمنه الصلة من النداء على خطئهم وضلالهم على طريقة قول عَبْدَة بن الطَّبيب :

إِنَّ الذين ترَوْنَهم إِخْوَانَكم *** يشْفِي غَلِيلَ صُدورهم أنْ تُصْرَعُوا