التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَّا ظَلِيلٖ وَلَا يُغۡنِي مِنَ ٱللَّهَبِ} (31)

ثم وصف - سبحانه - هذا الظل بصفة ثانية فقال : { لاَّ ظَلِيلٍ } أى : ليس هو بظل على سبيل الحقيقة ، وإنما هو دخان خانق لا برد فيه .

ثم وصفه بصفة ثالثة فقال : { وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللهب } أى : أن هذا الظل الى تنطلقون إليه لا يغنى شيئا من الإِغناء ، من حر لهب جهنم التى هى مأواكم ونهايتكم .

وبهذه الصفات يكون لفظ الظل ، قد فقد خصائصه المعروفة من البرودة والشعور عنده بالراحة . . وصار المقصود به ظلا آخر ، لا برد فيه ، ولايدفع عنهم شيئا من حر اللهب .

وهذ الصفات إنما جئ بها لدفع ما يوهمه لفظ " ظل " .

وعدى الفعل " يغنى " بحرف من ، لتضمنه معنى يُبْعِد .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَّا ظَلِيلٖ وَلَا يُغۡنِي مِنَ ٱللَّهَبِ} (31)

وقوله : لا ظَلِيلٍ يقول : لا هو يظلهم من حرّها وَلا يُغْنِي مِنَ اللّهَبِ ولا يُكِنّهم من لهبها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَّا ظَلِيلٖ وَلَا يُغۡنِي مِنَ ٱللَّهَبِ} (31)

والظليل : القوي في ظِلاله ، اشتق له وصف من اسمه لإفادة كماله فيما يراد منه مثل : لَيْلٌ ألْيَلُ ، وشِعْرٌ شَاعِرٌ ، أي ليس هو مثل ظل المؤمنين قال تعالى : { ونُدخلهم ظِلاًّ ظليلاً } [ النساء : 57 ] . وفي هذا تحسير لهم وهو في معنى قوله تعالى : { وظِلَ من يَحموم لا بَارِد ولا كريم } [ الواقعة : 43 ، 44 ] .

وجُرّ { ظليل } على النعت ل { ظل } ، وأقحمت { لا } فصارت من جملة الوصف ولا يظهر فيها إعراب كما تقدم في قوله تعالى : { إنها بقرةٌ لاَ فَارض ولا بِكْر } [ البقرة : 68 ] وشأن { لا } إذا أدخلت في الوصف أن تكرر فلذلك أعيدت في قوله : { ولا يغني من اللهب } .

والإِغناء : جعل الغير غنياً ، أي غير محتاج في ذلك الغرض ، وتعديته ب ( مِن ) على معنى البدلية أو لتضمينه معنى : يُبعد ، ومثله قوله تعالى : { وما أُغني عنكم من الله مِنْ شيء } [ يوسف : 67 ] . وبذلك سلب عن هذا الظل خَصائص الظلال لأن شأن الظل أن ينفس عن الذي يأوي إليه أَلَم الحر .