مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ مَا كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ} (29)

قوله تعالى : { انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون ، انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب ، لا ظليل ولا يغني من اللهب ، إنها ترمي بشرر كالقصر ، كأنه جمالت صفر ، ويل يومئذ للمكذبين } .

اعلم أن هذا هو ( النوع الخامس ) من وجوه تخويف الكفار وهو بيان كيفية عذابهم في الآخرة

فأما قوله : { انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون } فالمعنى أنه يقال لهم : { انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون } من العذاب ، والظاهر أن القائلين هم خزنة النار { وانطلقوا } الثاني تكرير ، وقرأ يعقوب { انطلقوا } على لفظ الماضي ، والمعنى أنهم انقادوا للأمر لأجل أنهم مضطرون إليه لا يستطيعون امتناعا منه ، وهذا بعيد لأنه كان ينبغي أن يقال : فانطلقوا بالفاء ، ليرتبط آخر الكلام بأوله ، قال المفسرون : إن الشمس تقرب يوم القيامة من رؤوس الخلائق ، وليس عليهم يومئذ لباس ولا كنان ، فتلفحهم الشمس وتسفعهم وتأخذ بأنفاسهم ويمتد ذلك اليوم ، ثم ينجي الله برحمته من يشاء إلى ظل من ظله فهناك يقولون : { فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم } ويقال للمكذبين : { انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون } من عذاب الله وعقابه .