وبعد أن بين - سبحانه - مظاهر قدرته عن طريق التأمل فى الأرض التى نعيش عليها ، عقب ذلك ببيان مظاهر قدرته عن طريق التأمل فى تقلب الليل والنهار ، وتعاقب الشمس والقمر ، فقال تعالى : { وَآيَةٌ لَّهُمُ الليل نَسْلَخُ مِنْهُ النهار فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ } .
وقوله { نسلخ } من السلخ بمعنى الكشط والإِزالة ، يقال : سلخ فلان جلد الشاة ، إذا أزاله عنها .
والمراد هنا : إزالة ضوء النهار عن الليل ، ليبقى لليل ظلمته .
قال صاحب الكشاف : سلخ جلد الشاة ، إذا كشطه عنها وأزاله .
ومنه : سَلْخُ الحيةِ لِخرْشَها - أى : لجلدها - فاستعير ذلك لإِزالة الضوء وكشفه عن مكان الليل ، وملقى ظله .
أى : ومن البراهين والعلامات الواضحة ، الدالة على وحدانية الله ، وقدرته على إحياء الموتى ، وجود الليل والنهار بهذه الطريقة التى نشاهدها ، حيث ينزع - سبحانه - عن الليل النهار ، فيبقى لليل ظلامه ، ويصير الناس فى ليل مظلم ، بعد أن كانوا فى نهار مضئ .
فمعنى : { فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ } : فإذا هم داخلون فى الظلام ، بعد أن كانوا بعيدين عنه . يقال : أظلم القوم . إذا دخلوا فى الظلام . وأصبحوا ، إذا دخلوا فى وقت الصباح .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَآيَةٌ لّهُمُ الْلّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النّهَارَ فَإِذَا هُم مّظْلِمُونَ * وَالشّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرّ لّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } .
يقول تعالى ذكره : ودليل لهم أيضا على قدرة الله على فعل كل ما شاء اللّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النّهارَ يقول : ننزع عنه النهار . ومعنى { منه } في هذا الموضع : عنه ، كأنه قيل : نسلَخ عنه النهار ، فنأتي بالظلمة ونذهب بالنهار . ومنه قوله : { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الّذِي آتَيْناهُ فانْسَلَخَ مِنْها } أي : خرج منها وتركها ، فكذلك انسلاخ الليل من النهار . وقوله : { فإذَا هُمْ مُظْلِمُونَ } يقول : فإذا هم قد صاروا في ظلمة بمجيء الليل . وقال قتادة في ذلك ما : حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وآيَةٌ لَهُمُ اللّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النّهارَ فإذَا هُمْ مُظْلِمُون } قال : يولج الليل في النهار ، ويولج النهار في الليل .
وهذا الذي قاله قتادة في ذلك عندي ، من معنى سلخ النهار من الليل ، بعيد وذلك أن إيلاج الليل في النهار ، إنما هو زيادة ما نقص من ساعات هذا في ساعات الاَخر ، وليس السلْخ من ذلك في شيء ، لأن النهار يسلخ من الليل كله ، وكذلك الليل من النهار كله ، وليس يولج كلّ الليل في كلّ النهار ، ولا كلّ النهار في كلّ الليل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.