قوله : { وَآيَةٌ لَّهُمُ الليل } كقوله : { وآية لهم الأرض } و{ نَسْلَخُ } استعارة بديعة{[46180]} شبه انكشاف ظُلْمَةِ الليل بكَشْطِ الجِلْد عن الشَّاة لما استدل تعالى بأحوال الأرض وهو المكان الكلِّيُّ ، استدل بالليل والنهار وهو الزمان الكُلِّيُّ ؛ فإن دلالة الزمان والمكان متناسبة{[46181]} ؛ لأن المكانَ لا يستغني عنه الجواهر ، والزمان لا يستغني عنه الأعراض ؛لأن كل عرض فهو في زمان .
فإن قيل : إذا كان المراد منه الاستدلال بالزمان فَلِمَ خَصَّ الدليل ؟ ! .
فالجواب : أنه لما استدل بالمكان المظلم وهو الأرض استدل بالزَّمَان المُظْلِم وهو الليل . ووجه آخر وهو أن اللَّيْلَ فيه سكون ( الناس ){[46182]} وهدوء الأصوات وفيه النَّوْم وهو الموت الأصغر ، فيكون بعد طلوع الفَجْرِ كالنفخ في الصور ، فيتحرك الناس فذكر الموت كما قال في الأرض : { وَآيَةٌ لَّهُمُ الأرض الميتة } [ يس : 33 ] وذكر من الزمان{[46183]} أشبههما{[46184]} بالموت كما ذكر في المكان{[46185]} أشْبَهَهُمَا بالموت .
فإن قيل : الليل بنفسه آية فأيُّ حاجة إلى قوله : { نَسْلَخُ مِنْهُ النهار } ؟ .
فالجواب : أن الشيء تتبين بضده منافعه ومحاسنه ؛ ولهذا لم يجعل الله الليل وحده آية في موضع من المواضع إلا وذكر آية النهار معها .
قوله : { فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ } أي :داخلون في الظلام كقوله : «مُصْبِحِينَ »{[46186]} . و { إذَا } للمفاجأة ؛ أي : ليس لهم بعد ذلك أمرٌ لا بد لهم من الدخول فيه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.