البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَءَايَةٞ لَّهُمُ ٱلَّيۡلُ نَسۡلَخُ مِنۡهُ ٱلنَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظۡلِمُونَ} (37)

ولما ذكر تعالى الاستدلال بأحوال الأرض ، وهي المكان الكلي ، ذكر الاستدلال بالليل والنهار ، وهو الزمان الكلي ؛ وبينهما مناسبة ، لأن المكان لا تستغني عنه الجواهر ، والزمان لا تستغني عنه الأعراض ، لأن كل عرض فهو في زمان ، ومثله مذكور في قوله : { ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر } ثم قال بعده : { ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة } الآية .

وبدأ هناك بالزمان ، لأن المقصود إثبات الوحدانية بدليل قوله : { لا تسجدوا للشمس ولا للقمر } الآية ، ثم الحشر بقوله : { إن الذي أحياها لمحيي الموتى } وهذا المقصود الحشر أولاً لأن ذكره فيها أكثر ، وذكر التوحيد في فصلت أكثر بدليل قوله : { قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض } انتهى ، وهو من كلام أبي عبد الله الرازي ، وفيه تلخيص .

و { نسلخ } : معناه نكشط ونقشر ، وهو استعارة لإزالة الضوء وكشفه عن مكان الليل .

و { مظلمون } : داخلون في الظلام ، كما تقول : أعتمنا وأسحرنا : دخلنا في العتمة وفي السحر .

واستدل قوم بهذا على أن الليل أصل والنهار فرع طارىء عليه ،