التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{نَحۡنُ قَدَّرۡنَا بَيۡنَكُمُ ٱلۡمَوۡتَ وَمَا نَحۡنُ بِمَسۡبُوقِينَ} (60)

ثم أكد سبحانه - خلقه لكل شىء ، وقدرته على كل شىء . فقال - تعالى - { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الموت وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ على أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } .

أى : نحن وحدنا الذين قدرنا لموتكم آجالا مختلفة ، وأعمارا متفاوتة ، فمنكم من يموت صغيرا ، ومنكم من يموت كبرا ، وما نحن بمسبوقين ، أى : وما نحن بمغلوبين على ذلك ، بل نحن قادرون قدرة تامة على تحديد آجالكم ، فمن حضره أجله فلن يستطيع أن يتأخر عنه ساعة ، أو يتقدم عنه ساعة . كما قال - تعالى - : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{نَحۡنُ قَدَّرۡنَا بَيۡنَكُمُ ٱلۡمَوۡتَ وَمَا نَحۡنُ بِمَسۡبُوقِينَ} (60)

وقوله : نَحْنُ قَدّرْنا بَيْنَكُمُ المَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ يقول تعالى ذكره : نحن قدرنا بينكم أيها الناس الموت ، فعجّلناه لبعض ، وأخّرناه عن بعض إلى أجل مسمى . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : قَدّرْنا بَيْنَكُمُ المَوْتَ قال : المستأخر والمستعجل .

وقوله : وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلى أنْ نُبَدّل أمْثالَكُمْ ، يقول تعالى ذكره : وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ أيها الناس في أنفسكم وآجالكم ، فمفتات علينا فيها في الأمر الذي قدّرناه لها من حياة وموت بل لا يتقدم شيء من أجلنا ، ولا يتأخر عنه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{نَحۡنُ قَدَّرۡنَا بَيۡنَكُمُ ٱلۡمَوۡتَ وَمَا نَحۡنُ بِمَسۡبُوقِينَ} (60)

نحن قدرنا بينكم الموت قسمناه عليكم وأقتنا موت كل بوقت معين وقرأ ابن كثير بتخفيف الدال وما نحن بمسبوقين لا يسبقنا أحد فيهرب من الموت أو يغير وقته أو لا يغلبنا أحد من سبقته على كذا إذا غلبته عليه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{نَحۡنُ قَدَّرۡنَا بَيۡنَكُمُ ٱلۡمَوۡتَ وَمَا نَحۡنُ بِمَسۡبُوقِينَ} (60)

وقرأ جمهور القراء : «قدّرنا » بشد الدال . وقرأ كثير وحده : «قدَرنا » بتخفيفها . والمعنى فيها يحتمل أن يكون بمعنى قضينا وأثبتنا ، ويحتمل أن يكون بمعنى سوينا ، وعدلنا التقدم والتأخر ، أي جعلنا الموت رتباً ، ليس يموت العالم دفعة واحدة ، بل بترتيب لا يعدوه أحد .

وقال الطبري معنى الآية : «قدرنا بينكم الموت على أن نبدل أمثالكم » أي تموت طائفة ونبدلها بطائفة ، هكذا قرناً بعد قرن .

وقوله : { وما نحن بمسبوقين } على تبديلكم إن أردناه وإن ننشئكم بأوصاف لا يصلها عملكم ولا يحيط بها كفركم . قال الحسن : من كونكم قردة وخنازير .

قال القاضي أبو محمد : تأول الحسن هذا ، لأن الآية تنحو إلى الوعيد ، وجاءت لفظة «السبق » هنا على نحو قوله عليه السلام : «فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا لا تفوتنكم »{[10916]} .


[10916]:أخرجه البخاري في المواقيت وفي تفسير سورة (ق) وفي التوحيد، وأبو داود في السنة، والترمذي في الجنة، وابن ماجه في المقدمة، وأحمد في مسنده(4-360، 362، 365)، ولفظه كما جاء في مسند أحمد: قال: سمعت قيس بن أبي حازم يحدث عن جرير، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة البدر، فقال: إنكم سترون ربكم عز وجل كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على هاتين الصلاتين قبل طلوع الشمس وقبل الغروب، ثم تلا هذه الآية:{فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب}، قال شعبة: لا أدري قال(فإن استطعتم) أو لم يقل.