التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لَئِنِ ٱتَّبَعۡتُمۡ شُعَيۡبًا إِنَّكُمۡ إِذٗا لَّخَٰسِرُونَ} (90)

وهنا نلمح أن الملأ من قوم شعيب قد يئسوا من استمالة شعيب وأتباعه إلى ملتهم ، فأخذوا يحذرون الناس من السير في طريقه ، ويحكى القرآن ذلك بأسلوبه الحكيم فيقول : { وَقَالَ الملأ الذين كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتبعتم شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } .

أى : قال الأشراف الكافرون من قوم شعيب لغيرهم : { لَئِنِ اتبعتم شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } لشرفكم ومجدكم ، بإيثار ملته على ملة آبائكم وأجدادكم ، وخاسرون لثروتكم وربحكم المادى . لأن ابتاعكم له سيحول بينكم وبين التطفيف في الكيل والميزان وهو مدار غناكم واتساع أموالكم .

وقولهم هذا يقصدون به تنفير الناس من دعوة شعيب ، وتثبيطهم عن الإيمان به ، وإغرائهم بالبقاء على عقائدهم الباطلة ، وتقاليدهم التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم ، فهم لم يكتفوا بضلالهم في أنفسهم ، بل عملوا على إضلال غيرهم . وقولهم هذا معطوف على قوله - تعالى - فيما سبق : { قَالَ الملأ الذين استكبروا مِن قَوْمِهِ } . وليس رداً على شعيب ، لأنه لو كان كذلك لجاء مفصولا بدون عطف ، وقد أكدوا قولهم بعدة مؤكدات منها اللام الموطئة للقسم ، والجملة الاسمية المصدرة بأن وذلك لكى يخدعوا السامعين بأنهم ما يريدون إلا خيرهم وعدم خسرانهم .

وحذف متعلق الخسران ليعم كل أنواعه الدينية والدنيوية .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : أين جواب القسم الذي وطأته اللام في قوله : { لَئِنِ اتبعتم } وجواب الشرط ؟ قلت : قوله : { إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } ساد مسد الجوابين " .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لَئِنِ ٱتَّبَعۡتُمۡ شُعَيۡبًا إِنَّكُمۡ إِذٗا لَّخَٰسِرُونَ} (90)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالَ الْمَلاُ الّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنّكُمْ إِذاً لّخَاسِرُونَ } . .

يقول تعالى ذكره : وقالت الجماعة من كَفَرَةِ رجال قوم شعيب ، وهم الملأ الذين جحدوا آيات الله وكذّبوا رسوله وتمادوا في غيهم ، لاَخرين منهم : لئن أنتم اتبعتم شعيبا على ما يقول وأجبتموه إلى ما يدعوكم إليه من توحيد الله والانتهاء إلى أمره ونهيه وأقررتم بنبوّته ، أنّكُمْ إذًا لخَاسِرُونَ يقول : لمغبونون في فعلكم ، وترككم ملتكم التي أنتم عليها مقيمون إلى دينه الذي يدعوكم إليه ، وهالكون بذلك من فعلكم .