التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ إِبۡرَٰهِيمَ} (69)

ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك جانبا من قصة إبراهيم - عليه السلام - فقال - تعالى - : { واتل عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ . . . } .

وقصة إبراهيم - عليه السلام - قد وردت فى القرآن فى سورة متعددة ، وبأساليب متنوعة ، وردت فى سورة البقرة ، وكان معظم الحديث فيها ، يدور حول بنائه للبيت الحرام هو وابنه إسماعيل ، وحكاية تلك الدعوات الخاشعات التى تضرع بها إلى ربه .

ووردت فى سورة الأنعام ، وكان معظم الحديث فيها يدور حول إقامته الأدلة على وحدانية الله - تعالى - عن طريق التأمل فى مشاهد هذا الكون .

ووردت فى سورة هود ، وكان معظم الحديث فيها يدور حول تبشيره بإسحاق . . .

ووردت فى سورة إبراهيم ، وكان معظم الحديث فيها يدور حول ما توجه به إلى ربه من دعاء بعد أن ترك بعض ذريته فى جوار بيت الله الحرام .

ووردت فى سورة الحجر . وكان معظم الحديث فيها يدور حول ما دار بينه وبين الملائكة من مناقشات .

ووردت فى سورة مريم ، وفيها حكى القرآن تلك النصائح الحكيمة التى وجهها لأبيه وهو يدعوه لعبادة الله - تعالى - وحده .

ووردت فى سورة الأنبياء . وفيها عرض القرآن لما دار بينه وبين قومه من مجادلات ومن تحطيم للأصنام ، ومن إلقائهم إياه فى النار فصارت بأمر الله - تعالى - بردا وسلاما عليه .

أما هنا فى سورة الشعراء ، فيحكى لنا - سبحانه - ما دار بينه وبين قومه من مناقشات ، وما توجه به إلى خالقه من دعوات .

لقد افتتحت بقوله - تعالى - : { واتل عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ } أى : واقرأ - أيها الرسول الكريم - على قومك - أيضا - نبأ رسولنا إبراهيم - عليه السلام - الذى يزعم قومك أنهم ورثته ، وأنهم يتبعونه فى ديانته ، مع أن إبراهيم برىء منهم ومن شركهم ، لأنه ما أرسل إلا لنهى أمثالهم عن الإشراك بالله - تعالى - .