التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا قَوۡلُ ٱلۡبَشَرِ} (25)

{ فقال } - على سبيل الغرور والجحود - { فَقَالَ إِنْ هاذآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ } أى : ما هذا القرآن الذى يقرؤه محمد صلى الله عليه وسلم علينا ، إلا سحر مأثور أى : مروى عن الأقدمين ، ومنقول من أقوالهم وكلامهم .

وجملة { إِنْ هاذآ إِلاَّ قَوْلُ البشر } بدل مما قبلها ، أى : ما هذا القرآن إلا سحر مأثور عن السابقين ، فهو من كلام البشر ، وليس من كلام الله - تعالى - كما يقول محمد صلى الله عليه وسلم .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : ما معنى " ثم " الداخلة فى تكرير الدعاء ؟ قلت : الدالة على أن الكرة الثانية أبلغ من الأولى ، ونحوه قوله : ألا يا اسلَمِى ثم اسلَمِى ، ثُمَّتَ اسلمِى .

فإن قلت : ما معنى المتوسطة بين الأفعال التى بعدها ؟ قلت : الدلالة على أنه قد تأتى فى التأمل والتمهل ، وكأن بين الأفعال المتناسقة تراخيا وتباعدا . .

فإن قلت : فلم قيل : { فَقَالَ إِنْ هاذآ . . . } بالفاء بعد عطف ما قبله بثم ؟ قلت : لأن الكلمة لما خطرت بباله بعد التطلب ، لم يتمالك أن نطق بها من غير تلبث .

فإن قلت : فلم لم يوسط حرف العطف بين الجملتين ؟ قلت : لأن الأخرى جرت من الأولى مجرى التوكيد من المؤكد .

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك الوعيد الشديد الذى توعد به هذا الشقى الأثيم فقال : { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ }