الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٖ} (101)

{ وَلاَ صَدِيقٍ } كما نرى لهم أصدقاء ، لأنه لا يتصادق في الآخرة إلا المؤمنون . وأما أهل النار فبينهم التعادي والتباغض ، قال الله تعالى : { الأخلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ المتقين } [ الزخرف : 67 ] أو : فمالنا من شافعين ولا صديق حميم من الذين كنا نعدهم شفعاء وأصدقاء ، لأنهم كانوا يعتقدون في أصنامهم أنهم شفعاؤهم عند الله ، وكان لهم الأصدقاء من شياطين الإنس . أو أرادوا أنهم وقعوا في مهلكة علموا أنّ الشفعاء والأصدقاء لا ينفعونهم ولا يدفعون عنهم ، فقصدوا بنفيهم نفي ما يتعلق بهم من النفع ؛ لأنّ ما لا ينفع : حكمه حكم المعدوم . والحميم من الاحتمام ، وهو الاهتمام ، وهو الذي يهمه ما يهمك . أو من الحامة بمعنى الخاصة ، وهو الصديق الخاص .

فإن قلت : لم جمع الشافع ووحد الصديق ؟ قلت : لكثرة الشفعاء في العادة وقلة الصديق . ألا ترى أن الرجل إذا امتحن بإرهاق ظالم نهضت جماعة وافرة من أهل بلده لشفاعته ، رحمة له وحسبة ، وإن لم يسبق له بأكثرهم معرفة . وأما الصديق - وهو الصادق في ودادك الذي يهمه ما أهملك - فأعز من بيض الأنوق . وعن بعض الحكماء أنه سئل عن الصديق فقال : اسم لا معنى له . ويجوز أن يريد بالصديق : الجمع .