البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٖ} (101)

الحميم : الولي القريب ، وحامة الرجل : خاصته . وقال الزمخشري : الحميم من الاحتمام ، وهو الاهتمام ، وهو الذي يهمه ما أهمك ؛ أو من الحامة بمعنى الخاصة ، وهو الصديق الخالص .

ولفظة الشفيع تقتضي رفعة مكانة عند المشفوع عنده ، ولفظة الصديق تقتضي شدة مساهمة ونصرة ، وهو فعيل من صدق الود من أبنية المبالغة ونفي الشفعاء .

والصديق يحتمل أن يكون نفياً لوجودهم إذ ذاك ، وهم موجودون للمؤمنين ، إذ تشفع الملائكة وتتصادق المؤمنون ، كما قال : الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ إلا المتقين ، أو ذلك على حسب اعتقادهم في معبوداتهم أنهم شفعاؤهم عند الله ، وأن لهم أصدقاء من الإنس والشياطين ، فقصدوا بنفيهم نفي ما يتعلق بهم من النفع ، لأن ما لا ينفع ، حكمه حكم المعدوم ، فصار المعنى : فما لنا من نفع من كنا نعتقد أنهم شفعاء وأصدقاء ، وجمع الشفعاء لكثرتهم في العادة .

ألا ترى أنه يشفع فيمن وقع في ورطة من لا يعرفه ، وأفرد الصديق لقلته ، وأريد به الجمع ؟ إذ يقال : هم صديق ، أي أصدقاء ، كما يقال : هم عدو ، أي أعداء .