اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٖ} (101)

" وَلاَ صَدِيقٍ " وهو الصادق في المودة بشرط الدين . قال جابر بن عبد الله : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إِنَّ الرَّجُلَ لَيَقُولُ فِي الجَنَّةِ : ما فَعَلَ صَدِيقي فُلان ؟ وصَديقُه في الجحيم ، فَيَقُولُ الله تعالى : أخْرِجُوا لَهُ صَدِيقَهُ إلى{[37486]} الجَنَّة . فيقول مَنْ بَقِيَ : فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ " {[37487]} .

قال الحسن : " استكثروا من الأصدقاء المؤمنين ، فإن لهم شفاعة يوم القيامة " {[37488]} والحميم : القريب ، من قولهم : حامة فلان ، أي : خاصته{[37489]} .

وقال الزمخشري : الحميم : من الاحتمام ، وهو الاهتمام أو من الحامة{[37490]} وهي الخاصة ، وهو الصديق الخالص{[37491]} والنفي هنا يحتمل نفي الصديق من أصله ، أو نفي صفته فقط{[37492]} ، فهو من باب :

3914- عَلَى لاَحِبٍ لاَ يُهْتَدَى بِمَنَارِهِ{[37493]} *** . . .

و " الصديق " يحتمل أن يكون مفرداً وأن يكون مستعملاً للجمع ، كما يستعمل العَدو لَهُ ، فيقال{[37494]} : هم صديق ، وهم عدو ، وقد تقدم{[37495]} . وإنما جمع " الشافعين " ووحَّد " الصديق " لكثرة الشفعاء في العادة وقلة الصديق{[37496]} .


[37486]:في الأصل: في.
[37487]:ذكره البغوي بسنده 6/225-226.
[37488]:انظر البغوي 6/226.
[37489]:انظر اللسان (حمم).
[37490]:في ب: الحمامة. وهو تحريف.
[37491]:الكشاف: 3/119.
[37492]:لأنه إذا انتفت صفة الصديق فلا فائدة فيه، فيصير كأنه معدوم. البحر المحيط 7/28.
[37493]:صدر بيت من بحر الطويل، قاله امرؤ القيس: وعجزه: إذا سافه العود النباطيّ جرجرا *** ... وقد تقدم.
[37494]:في ب: يقال.
[37495]:انظر المذكر والمؤنث لابن الأنباري 1/288-290، الكشاف 3/120.
[37496]:انظر الكشاف 3/118.