الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَفِي ٱلۡأَرۡضِ ءَايَٰتٞ لِّلۡمُوقِنِينَ} (20)

{ وَفِى الأرض ءايات } تدل على الصانع وقدرته وحكمته وتدبيره حيث هي مدحوّة كالبساط لما فوقها كما قال : { الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض مَهْداً } [ طه : 53 ] وفيها المسالك والفجاج للمتقلبين فيها والماشين في مناكبها ، وهي مجزأة : فمن سهل وجبل وبر وبحر : وقطع متجاورات : من صلبة ورخوة ، وعذاة وسبخة ؛ وهي كالطروقة تلقح بألوان النبات وأنواع الأشجار بالثمار المختلفة الألوان والطعوم والروائح تسقى بماء واحد { وَنُفَضّلُ بَعْضَهَا على بَعْضٍ فِى الأكل } [ الرعد : 4 ] وكلها موافقة لحوائج ساكنيها ومنافعهم ومصالحهم في صحتهم واعتلالهم ، وما فيها من العيون المتفجرة والمعادن المفتنة والدّواب المنبثة في برها وبحرها المختلفة الصور والأشكال والأفعال : من الوحشي والإنسي والهوام ، وغير ذلك { لِّلْمُوقِنِينَ } الموحدين الذين سلكوا الطريق السوي البرهاني الموصل إلى المعرفة ، فهم نظارون بعيون باصرة وأفهام نافذة ، كلما رأوا آية عرفوا وجه تأملها ، فازدادوا إيماناً مع إيمانهم ، وإيقاناً إلى إيقانهم .