الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{يُؤۡفَكُ عَنۡهُ مَنۡ أُفِكَ} (9)

{ يُؤْفَكُ عَنْهُ } الضمير للقرآن أوللرسول ، أي : يصرف عنه ، من صرف الصرف الذي لا صرف أشد منه وأعظم ؛ كقوله : لا يهلك على الله إلا هالك . وقيل : يصرف عنه من صرف في سابق علم الله ، أي : علم فيما لم يزل أنه مأفوك عن الحق لا يرعوى . ويجوز أن يكون الضمير لما توعدون أو للدين : أقسم بالذاريات على أن وقوع أمر القيامة حق ، ثم أقسم بالسماء على أنهم في قول مختلف في وقوعه ، فمنهم شاكّ ، ومنهم جاحد . ثم قال : يؤفك عن الإقرار بأمر القيامة من هو المأفوك . ووجه آخر : وهو أن يرجع الضمير إلى قول مختلف وعن مثله في قوله :

يَنْهَوْنَ عَنْ أَكْلٍ وَعَنْ شُرْبِ ***

أي : يتناهون في السمن بسبب الأكل والشرب . وحقيقته : يصدر تناهيهم في السمن عنهما ، وكذلك يصدر إفكهم عن القول المختلف . وقرأ سعيد بن جبير «يؤفك عنه » من أفك » ، على البناء للفاعل . أي : من أفك الناس عنه وهم قريش ، وذلك أنّ الحيّ كانوا يبعثون الرجل ذا العقل والرأي ليسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقولون له : احذره ، فيرجع فيخبرهم . وعن زيد بن عليّ : يأفك عنه من أفك ، أي : يصرف الناس عنه من هو مأفوك في نفسه . وعنه أيضاً : يأفك عنه من أفك ؛ أي : يصرف الناس عنه من هو أفاك كذاب . وقرىء : «يؤفن عنه من أفن » أي : يحرمه من رحم ، من أفن الضرع إذا نهكه حلباً .