مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَالُواْ جَزَـٰٓؤُهُۥ مَن وُجِدَ فِي رَحۡلِهِۦ فَهُوَ جَزَـٰٓؤُهُۥۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلظَّـٰلِمِينَ} (75)

فأجابوا و { قالوا جزؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه } قال ابن عباس كانوا في ذلك الزمان يستعبدون كل سارق بسرقته وكان استعباد السارق في شرعهم يجري مجرى وجوب القطع في شرعنا ، والمعنى جزاء هذا الجرم من وجد المسروق في رحله ، أي ذلك الشخص هو جزاء ذلك الجرم ، والمعنى : أن استعباده هو جزاء ذلك الجرم ، قال الزجاج : وفيه وجهان : أحدهما : أن يقال جزاؤه مبتدأ ومن وجد في رحله خبره . والمعنى : جزاء السرقة هو الإنسان الذي وجد في رحله السرقة ، ويكون قوله : { فهو جزاؤه } زيادة في البيان كما تقول جزاء السارق القطع فهو جزاؤه . الثاني : أن يقال : { جزاؤه } مبتدأ وقوله : { من وجد في رحله فهو جزاؤه } جملة وهي في موضع خبر المبتدأ . والتقدير : كأنه قيل جزاؤه من وجد في رحله فهو هو ، إلا أنه أقام المضمر للتأكيد والمبالغة في البيان وأنشد النحويون :

لا أرى الموت يسبق الموت شيء*** نغص الموت الغني والفقيرا

وأما قوله : { كذلك نجزى الظالمين } أي مثل هذا الجزاء جزاء الظالمين . يريد إذا سرق استرق ثم قيل : هذا من بقية كلام إخوة يوسف . وقيل : إنهم لما قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه ، فقال أصحاب يوسف : { كذلك نجزى الظالمين } .