مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَالُواْ نَفۡقِدُ صُوَاعَ ٱلۡمَلِكِ وَلِمَن جَآءَ بِهِۦ حِمۡلُ بَعِيرٖ وَأَنَا۠ بِهِۦ زَعِيمٞ} (72)

قالوا نفقد صواع الملك . قال صاحب «الكشاف » : قرئ صواع وصاع وصوع وصوع بفتح الصاد وضمها ، والعين معجمة وغير معجمة . قال بعضهم جمع صواع صيعان ، كغراب وغربان ، وجمع صاع أصواع ، كباب وأبواب . وقال آخرون : لا فرق بين الصاع والصواع ، والدليل عليه قراءة أبي هريرة : { قالوا نفقد صاع الملك } وقال بعضهم : الصواع اسم ، والسقاية وصف ، كقولهم : كوز وسقاء ، فالكوز اسم والسقاء وصف .

ثم قال : { ولمن جاء به حمل بعير } أي من الطعام { أنا به زعيم } قال مجاهد : الزعيم هو المؤذن الذي أذن ، وتفسير زعيم كفيل . قال الكلبي : الزعيم الكفيل بلسان أهل اليمن . وروى أبو عبيدة عن الكسائي : زعمت به تزعم زعما وزعامة . أي كفلت به ، وهذه الآية تدل على أن الكفالة كانت صحيحة في شرعهم ، وقد حكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : « الزعيم غارم »

فإن قيل : هذه كفالة بشيء مجهول ؟

قلنا : حمل بعير من الطعام كان معلوما عندهم ، فصحت الكفالة به إلا أن هذه الكفالة مال لرد سرقة ، وهو كفالة بما لم يجب لأنه لا يحل للسارق أن يأخذ شيئا على رد السرقة ، ولعل مثل هذه الكفالة كانت تصح عندهم .