مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَالَ رَبِّ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ} (12)

قوله تعالى : { قال رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون } .

وفي الآية مسائل :

المسألة الأولى : اعلم أن الله تعالى لما أمر موسى عليه السلام بالذهاب إلى قوم فرعون ، طلب موسى عليه السلام أن يبعث معه هارون إليهم ، ثم ذكر الأمور الداعية له إلى ذلك السؤال وحاصلها أنه لو لم يكن هارون ، لاختلت المصلحة المطلوبة من بعثة موسى عليه السلام ، وذلك من وجهين : الأول : أن فرعون ربما كذبه ، والتكذيب سبب لضيق القلب ، وضيق القلب سبب لتعسر الكلام على من يكون في لسانه حبسة ، لأن عند ضيق القلب تنقبض الروح والحرارة الغريزية إلى باطن القلب ، وإذا انقبضا إلى الداخل وخلا منهما الخارج ازدادت الحبسة في اللسان ، فالتأذي من التكذيب سبب لضيق القلب ، وضيق القلب سبب للحبسة . فلهذا السبب بدأ بخوف التكذيب ، ثم ثنى بضيق الصدر ، ثم ثلث بعدم انطلاق اللسان . وأما هارون فهو أفصح لسانا مني وليس في حقه هذا المعنى ، فكان إرساله لائقا . الثاني : أن لهم عندي ذنبا فأخاف أن يبادروا إلى قتلي ، وحينئذ لا يحصل المقصود من البعثة . وأما هارون فليس كذلك فيحصل المقصود من البعثة .