مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَالَ فَعَلۡتُهَآ إِذٗا وَأَنَا۠ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ} (20)

قوله تعالى : { قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حما وجعلني من المرسلين وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل } .

اعلم أن فرعون لما ذكر التربية وذكر القتل وقد كانت تربيته له معلومة ظاهرة ، لا جرم أن موسى عليه السلام ما أنكرها ، ولم يشتغل بالجواب عنها ، لأنه تقرر في العقول أن الرسول إلى الغير إذا كان معه معجز وحجة لم يتغير حاله بأن يكون المرسل إليه أنعم عليه أو لم يفعل ذلك ، فصار قول فرعون لما قاله غير مؤثر البتة ، ومثل هذا الكلام الإعراض عنه أولى ولكن أجاب عن القتل بما لا شيء أبلغ منه في الجواب وهو قوله : { فعلتها إذا وأنا من الضالين } والمراد بذلك الذاهلين عن معرفة ما يؤول إليه من القتل لأنه فعل الوكزة على وجه التأديب ، ومثل ذلك ربما حسن وإن أدى إلى القتل فبين له أنه فعله على وجه لا يجوز معه أن يؤاخذ به أو يعد منه كافرا أو كافرا لنعمه .