مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَأۡتِيَا فِرۡعَوۡنَ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (16)

وأما قوله : { إنا رسول رب العالمين } ففيه سؤال وهو أنه هلا ثنى الرسول كما ثنى في قوله : { إنا رسولا ربك } جوابه من وجوه . أحدها : أن الرسول اسم للماهية من غير بيان أن تلك الماهية واحدة أو كثيرة والألف واللام لا يفيدان إلا الوحدة لا الاستغراق ، بدليل أنك تقول الإنسان هو الضحاك ولا تقول كل إنسان هو الضحاك ولا أيضا هذا الإنسان هو الضحاك ، وإذا ثبت أن لفظ الرسول لا يفيد إلا الماهية وثبت أن الماهية محمولة على الواحد وعلى الاثنين ثبت صحة قوله : { إنا رسول رب العالمين } وثانيها : أن الرسول قد يكون بمعنى الرسالة قال الشاعر :

لقد كذب الواشون ما فهت عندهم *** بسر ولا أرسلتهم برسول

فيكون المعنى إنا ذو رسالة رب العالمين . وثالثها : أنهما لاتفاقهما على شريعة واحدة واتحادهما بسبب الأخوة كأنهما رسول واحد . ورابعها : المراد كل واحد منا رسول . وخامسها : ما قاله بعضهم أنه إنما قال ذلك لا بلفظ التثنية لكونه هو الرسول خاصة وقوله : { إنا } فكما في قوله تعالى : { إنا أنزلناه } وهو ضعيف .