مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{مَن كَفَرَ فَعَلَيۡهِ كُفۡرُهُۥۖ وَمَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِأَنفُسِهِمۡ يَمۡهَدُونَ} (44)

ثم أشار إلى التفرق بقوله : { من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون } وفي الآية مسائل :

المسألة الأولى : قال : { من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا } ولم يقل ومن آمن وذلك لأن العمل الصالح به يكمل الإيمان فذكره تحريضا للمكلف عليه ، وأما الكفر إذا جاء فلا زنة للعمل معه ، ووجه آخر : وهو أن الكفر قسمان : أحدهما : فعل وهو الإشراك والقول به ، والثاني : ترك وهو عدم النظر والإيمان فالعاقل البالغ إذا كان في مدينة الرسول ولم يأت بالإيمان فهو كافر سواء قال بالشرك أو لم يقل ، لكن الإيمان لا بد معه من العمل الصالح ، فإن الاعتقاد الحق عمل القلب ، وقول لا إله إلا الله عمل اللسان وشيء منه لا بد منه .

المسألة الثانية : قال : { فعليه } فوحد الكناية وقال : { فلأنفسهم } جمعها إشارة إلى أن الرحمة أعم من الغضب فتشمله وأهله وذريته ، أما الغضب فمسبوق بالرحمة ، لازم لمن أساء .

المسألة الثالثة : قال : { فعليه كفره } ولم يبين وقال في المؤمن { فلأنفسهم يمهدون } تحقيقا لكمال الرحمة فإنه عند الخير بين وفصل بشارة ، وعند غيره أشار إليه إشارة .