البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{مَن كَفَرَ فَعَلَيۡهِ كُفۡرُهُۥۖ وَمَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِأَنفُسِهِمۡ يَمۡهَدُونَ} (44)

ثم ذكر حالتي المتفرقين : { من كفر فعليه كفره } : أي جزاء كفره ، وعبر عن حالة الكافر بعليه ، وهي تدل على الفعل والمشقة ، وعن حال المؤمن بقوله : { فلأنفسهم } ، باللام التي هي لام الملك .

و { يمهدون } : يوطئون ، وهي استعارة من الفرش ، وعبارة عن كونهم يفعلون في الدنيا ما يلقون به ، ما تقر به أعينهم وتسر به أنفسهم في الجنة .

وقال مجاهد : هو التمهيد للقبر .

وقال الزمخشري : وتقديم الظرف في الموضعين لدلالة على أن ضرر الكفر لا يعود إلا على الكافر لا يتعداه ، ومنفعة الإيمان والعمل الصالح ترجع إلى المؤمن لا تتجاوزه .

انتهى .

وهو على طريقته في دعواه أن تقديم المفعول وما جرى مجراه يدل على الاختصاص ، وأما على مذهبنا فيدل على الاهتام ، وأما ما يدعيه من الاختصاص فمفهوم من آي كثيرة في القرآن منها : { ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى }