نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{مَن كَفَرَ فَعَلَيۡهِ كُفۡرُهُۥۖ وَمَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِأَنفُسِهِمۡ يَمۡهَدُونَ} (44)

ولما كان المعنى{[53255]} أنهم فريق في الجنة وفريق في السعير ، بين ذلك ببيان عاقبة سببه في جواب من كأنه قال : إلى أين يتفرقون ؟ قائلاً : { من كفر } أي منهم فعمل شيئاً{[53256]} { فعليه } أي{[53257]} لا على{[53258]} غيره { كفره } أي وباله{[53259]} ، وعلى أنفسهم يعتدون ولها يهدمون{[53260]} فيصيرون في ذلك اليوم إلى{[53261]} النار التي هم بها مكذبون{[53262]} ، ومن كان عليه كفره الذي أوبقه إلى الموت ، فلا خلاص له فيما بعد الفوت{[53263]} ، ووحد الضمير رداً له على لفظ من{[53264]} نصاً على أن كل{[53265]} واحد مجزيّ بعمله لا المجموع من حيث هو مجموع ، وإفهاماً لأن الكفرة{[53266]} قليل وإن كانوا أكثر من المؤمنين ، لأنهم لا مولى لهم ، ولتفرق كلمتهم

{ تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى }[ الحشر : 14 ] الآية{[53267]} ، و{[53268]} لأنه لا اجتماع بين أهل النار ليتأسى بعضهم

ببعض ، بل كل منهم في شغل شاغل عن معرفة ما يتفق لغيره { ومن عمل صالحاً } أي{[53269]} بالإيمان وما يترتب عليه ، وأظهر{[53270]} ولم يضمر لئلا يتوهم عود الضمير على { من كفر } وبشارة بأن أهل الجنة كثير وإن كانوا قليلاً ، لأن الله مولاهم فهو يزكيهم ويؤيدهم ، وفي جمع{[53271]} الجزاء مع {[53272]}إفراد الشرط{[53273]} ترغيب في العمل من غير نظر إلى مساعد{[53274]} بأنه ينفع نفسه وغيره ، لأن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ، وأقل ماينفع والديه وشيخه في ذلك{[53275]} العمل ، وعبر بالنفس{[53276]} ليدل - بعد الدلالة على إرادة العامل ومن شايعه حتى كان بحكم اتحاد القصد{[53277]} إياه - على أن العمل الصالح يزكي النفوس ويطهرها{[53278]} من رذائل الأخلاق ، فقال : { فلأنفسهم } أي{[53279]} خاصة أعمالهم ولهم خاصة عملهم الصالح{[53280]} ولأنفسهم { يمهدون } أي يسوون ويوطئون منازل في القبور والجنة ، بل{[53281]} وفي الدنيا فإن الله يعزهم بعز طاعته ، والآية من الاحتباك : حذف أولاً عدوانهم{[53282]} على أنفسهم لما دل عليه من المهد ، وثانياً كون العمل خاصاً{[53283]} بهم لما دل عليه من كون الكفر على صاحبه خاصة ، وأحسن من هذا أن يقال : ذكر الكفر الذي هو السبب دليلاً على الإيمان ثانياً ، والعمل الصالح الذي هو الثمرة ثانياً دليلاً على العمل السيء أولاً{[53284]} .


[53255]:زيد من ظ ومد.
[53256]:زيد من ظ ومد.
[53257]:سقط من م.
[53258]:سقط من ظ.
[53259]:زيد من ظ ومد.
[53260]:زيد من ظ ومد.
[53261]:سقط من ظ.
[53262]:من م ومد، وفي الأصل وظ: يكذبون.
[53263]:من م ومد، وفي الأصل وظ: الموت.
[53264]:زيد من ظ وم ومد.
[53265]:سقط من ظ.
[53266]:في ظ: الكثرة.
[53267]:آية 14 من سورة الحشر.
[53268]:زيد من ظ وم ومد.
[53269]:زيد من ظ وم ومد.
[53270]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: يظهر.
[53271]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: جميع.
[53272]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: إفراطه إفراط.
[53273]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: إفراطه إفراط.
[53274]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: متاعه.
[53275]:زيد من ظ وم ومد.
[53276]:في الأصل بياض، ملأناه من ظ وم ومد.
[53277]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: المقصد.
[53278]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: يطهر.
[53279]:سقط من ظ ومد.
[53280]:زيد من ظ ومد.
[53281]:سقط من ظ.
[53282]:من ظ ومد، وفي الأصل وم: عداوتهم.
[53283]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: خلقا.
[53284]:زيد من ظ ومد.