مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَمَا عَلَيۡنَآ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (17)

ثم قال تعالى : { وما علينا إلا البلاغ المبين }

تسلية لأنفسهم ، أي نحن خرجنا عن عهدة ما علينا وحثا لهم على النظر ، فإنهم لما قالوا : { ما علينا إلا البلاغ } كان ذلك يوجب تفكرهم في أمرهم حيث لم يطلبوا منهم أجرا ولا قصدوا رياسة ، وإنما كان شغلهم التبليغ والذكر ، وذلك مما يحمل العاقل على النظر و { المبين } يحتمل أمورا أحدها : البلاغ المبين للحق عن الباطل ، أي الفارق بالمعجزة والبرهان وثانيها : البلاغ المظهر لما أرسلنا للكل ، أي لا يكفي أن نبلغ الرسالة إلى شخص أو شخصين وثالثها : البلاغ المظهر للحق بكل ما يمكن ، فإذا تم ذلك ولم يقبلوا يحق هنالك الهلاك .