مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ} (27)

وفي قوله تعالى : { بما غفر لي ربي } وجوه أحدها : أن ما استفهامية كأنه قال : يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي حتى يشتغلوا به وهو ضعيف ، وإلا لكان الأحسن أن تكون ما محذوفة الألف يقال بم وفيم وعم ولم وثانيها : خبرية كأنه قال : يا ليت قومي يعلمون بالذي غفر لي ربي وثالثها : مصدرية ، كأنه قال : يا ليت قومي يعلمون بمغفرة ربي لي ، والوجهان الآخران هما المختاران .

ثم قال تعالى : { وجعلني من المكرمين } قد ذكرنا أن الإيمان والعمل الصالح يوجبان أمرين هما الغفران والإكرام كما في قوله تعالى : { الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم } والرجل كان من المؤمنين الصلحاء ، والمكرم على ضد المهان ، والإهانة بالحاجة والإكرام بالاستغناء فيغني الله الصالح عن كل أحد ويدفع جميع حاجاته بنفسه .