فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمَا عَلَيۡنَآ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (17)

{ وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ البلاغ المبين } أي ما يجب علينا من جهة ربنا إلاّ تبليغ رسالته على وجه الظهور والوضوح ، وليس علينا غير ذلك ، وهذه الجملة مستأنفة كالتي قبلها ، وكذلك جملة { قَالُواْ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ } ، فإنها مستأنفة جواباً عن سؤال مقدّر : أي إنا تشاءمنا بكم ، لم تجدوا جواباً تجيبون به على الرسل إلاّ هذا الجواب المبنيّ على الجهل المنبىء عن الغباوة العظيمة ، وعدم وجود حجة تدفعون الرسل بها . قال مقاتل : حبس عنهم المطر ثلاث سنين . قيل : إنهم أقاموا ينذرونهم عشر سنين ، ثم رجعوا إلى التجبر ، والتكبر لما ضاقت صدورهم ، وأعيتهم العلل ، فقالوا : { لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ } أي : لئن لم تتركوا هذه الدعوى ، وتعرضوا عن هذه المقالة ؛ لنرجمنّكم بالحجارة { وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي شديد فظيع . قال الفرّاء : عامة ما في القرآن من الرجم المراد به القتل . وقال قتادة : هو على بابه من الرجم بالحجارة . قيل : ومعنى العذاب الأليم : القتل ، وقيل : الشتم ، وقيل : هو التعذيب المؤلم من غير تقييد بنوع خاص ، وهذا هو الظاهر .

/خ27