ثم قال تعالى : { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون } وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : ظن قوم أن هذه الآية وأمثالها في القرآن تدل على أن القوم مضطرون إلى الاعتراف بوجود الإله للعالم ، قال الجبائي وهذا لا يصح لأن قوم فرعون قالوا لا إله لهم غيره ، وقوم إبراهيم قالوا { وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه } فيقال لهم لا نسلم أن قوم فرعون كانوا منكرين لوجود الإله ، والدليل على قولنا قوله تعالى : { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما } وقال موسى لفرعون { لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر } فالقراءة بفتح التاء في علمت تدل على أن فرعون كان عارفا بالله ، وأما قوم إبراهيم حيث قالوا { وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه } فهو مصروف إلى إثبات القيامة وإثبات التكاليف وإثبات النبوة .
المسألة الثانية : اعلم أنه تعالى ذكر هذا الكلام في أول هذه السورة وفي آخرها ، والمقصود التنبيه على أنهم لما اعتقدوا أن خالق العالم وخالق الحيوانات هو الله تعالى فكيف أقدموا مع هذا الاعتقاد على عبادة أجسام خسيسة وأصنام خبيثة لا تضر ولا تنفع ، بل هي جمادات محضة .
وأما قوله { فأنى تؤفكون } معناه لم تكذبون على الله فتقولون إن الله أمرنا بعبادة الأصنام ، وقد احتج بعض أصحابنا به على أن إفكهم ليس منهم بل من غيرهم بقوله { فأنى تؤفكون } وأجاب القاضي بأن من يضل في فهم الكلام أو في الطريق يقال له أين يذهب بك ، والمراد أين تذهب ، وأجاب الأصحاب بأن قول القائل أين يذهب بك ظاهره يدل على أن ذاهبا آخر ذهب به ، فصرف الكلام عن حقيقته خلاف الأصل الظاهر ، وأيضا فإن الذي ذهب به هو الذي خلق تلك الداعية في قلبه ، وقد ثبت بالبرهان الباهر أن خالق تلك الداعية هو الله تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.