ثم قال تعالى : { ولقد جاء آل فرعون النذر ، كذبوا بآياتنا كلنا فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر } وفيه مسائل :
المسألة الأولى : ما الفائدة في لفظ : { آل فرعون } بدل قوم فرعون ؟ نقول : القوم أعم من الآل ، فالقوم كل من يقوم الرئيس بأمرهم أو يقومون بأمره ، والآل كل من يؤول إلى الرئيس خيرهم وشرهم أو يؤول إليهم خيره وشره ، فالبعيد الذي لا يعرفه الرئيس ولا يعرف هو عين الرئيس وإنما يسمع اسمه ، فليس هو بآله ، إذا عرفت الفرق ، نقول : قوم الأنبياء الذين هم غير موسى عليهم السلام ، لم يكن فيهم قاهر يقهر الكل ويجمعهم على كلمة واحدة ، وإنما كانوا هم رؤساء وأتباعا ، والرؤساء إذا كثروا لا يبقى لأحد منهم حكم نافذ على أحد ، أما على من هو مثله فظاهر ، وأما على الأراذل فلأنهم يلجئون إلى واحد منهم ويدفعون به الآخر ، فيصير كل واحد برأسه ، فكأن الإرسال إليهم جميعا ، وأما فرعون فكان قاهرا يقهر الكل ، وجعلهم بحيث لا يخالفونه في قليل ولا كثير ، فأرسل الله إليه الرسول وحده ، غير أنه كان عنده جماعة من التابعين المقربين مثل قارون تقدم عنده لماله العظيم ، وهامان لدهائه ، فاعتبرهم الله في الإرسال ، حيث قال : في مواضع : { ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملائه } وقال تعالى : { بآياتنا إلى فرعون وهامان وقارون } وقال في العنكبوت : { وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى } لأنهم إن آمنوا آمن الكل بخلاف الأقوام الذين كانوا قبلهم وبعدهم ، فقال : { ولقد جاء آل فرعون النذر } وقال كثيرا مثل هذا كما في قوله : { أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } ، { وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه } وقال : بلفظ الملأ أيضا كثيرا .
المسألة الثانية : قال : { ولقد جاء } ولم يقل في غيرهم جاء لأن موسى عليه السلام ما جاءهم ، كما جاء المرسلون أقوامهم ، بل جاءهم حقيقة حيث كان غائبا عن القوم فقدم عليهم ، ولهذا قال تعالى : { فلما جاء آل لوط المرسلون } وقوله تعالى : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم } حقيقة أيضا لأنه جاءهم من الله من السماوات بعد المعراج ، كما جاء موسى قومه من الطور حقيقة .
المسألة الثالثة : النذر إن كان المراد منها الإنذارات وهو الظاهر ، فالكلام الذي جاءهم على لسان موسى ويده تلك ، وإن كان المراد الرسل فهو لأن موسى وهرون عليهما السلام جاءه وكل مرسل تقدمهما جاء لأنهم كلهم قالوا ما قالا من التوحيد وعبادة الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.