اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَقَدۡ جَآءَ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ ٱلنُّذُرُ} (41)

قوله تعالى : { وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النّذر } المراد بآله خواصُّه ، والنُّذُر مُوسَى وهَارُونُ . ولقد يطلق لفظ الجمع على الاثنين . وقيل : المراد بآل فرعون القِبط .

فإن قيل : ما الفائدة في قوله : «آلَ فِرْعَوْنَ » بدل «قَوْمِ فِرَعوْنَ » ؟

فالجواب : أن القوم أعم من الآل فالقوم كل من يقوم الرئيس بأمرهم ، أو يقومون هم بأمره وقوم فرعون : كانوا تحت قهره بحيث لا يخالفونه في قليل ولا كثير ، فأرسل إليه الرسول وحده غير أنه كان عنده جماعة من المقربين مثل قَارُون . مقدم{[54143]} عنده لمالِهِ العَظِيم ، وهَامَان لِدَهَائِهِ ، فاعتبرهم الله في الإرسال ، حيث قال في مواضع : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بِآيَاتِنَا إلى فِرْعَوْنَ وَمَلَئيهِ } [ الزخرف : 46 ] وقال : { إلى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ } [ غافر : 24 ] وقال في العنكبوت : { وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُم موسى } [ العنكبوت : 39 ] لأنهم إن آمنوا آمن الكل ، بخلاف الأقوام الذين كانوا قبلهم وبعدهم ، فقال : { وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النذر } وقال : { أدخلوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العذاب } .

فإن قيل : كيف قال : «ولقد جاءهم » ولم يقل في غيره{[54144]} : جاء ؟

فالجواب : لأن موسى - عليه الصلاة والسلام - لما جاءهم كان غائباً عن القوم فقدم عليهم ، كما قال : { فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ المرسلون } [ الحجر : 61 ] ، وقال تعالى : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ } [ التوبة : 128 ] حقيقة أيضاً ، لأنه جاءهم من الله من السماوات بعد المعراج ، كما جاء موسى قومه من الطور حقيقة .

والنذر : الرسل وقد جاءهم يوسف وبنوه إلى أن جاءهم موسى . وقيل : النذر الإنذاراتُ .


[54143]:في ب والرازي: تقدم عنده.
[54144]:كذا في النسختين وفي الرازي: غيرهم.